دكتور محمد ربيع هاشم

الثلاثاء فبراير 22, 2011 10:57 am

l Black]]
اشاعر مصري
العمر 39 عاما
دكتوراه في القانون الدولي العام وشاعر
صدر لي :
1 ) ديوان طائر الملائكة 1992
2 ) ديوان سيرة المزج والفطرة 2002 الهيئة المصرية العامة للكتاب سلسلة مكتبة الأسرة
3) تسكن الريح في دمه .. الهيئة العامة لقصور الثقافة 2009
4 ) الحرية رواية نشرت بمجلة صوت فلسطين 93 ، 94
5 ) الحب والأسى والحرية رواية تحت الطبع
6 ) لم تعد بيروت تخفي يأسها مسرحية شعرية تحت الطبع
والعديد من القصائد والدراسات النقدية والقصص القصيرة بالمجلات والدوريات الأدبية المصرية والعربية
النشاط الأدبي :

*عضو الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر بالأقاليم دورتي المنصورة 1998 ، والأمين العام المساعد لنفس المؤتمر دورة دمنهور 1999
* حصل على العديد من الجوائز الأدبية [/size]

الثلاثاء فبراير 22, 2011 11:01 am

كان يا ما كان
بنت وشاعر ، بيتهم جنب البحر
بتجيلوا طايره زي فراشة جميلة
وزي النور في لحظة طهر
شايلة جناين ورد
حالفة لتعرف من عينه أصل الود
كان واقف بين البحر وبين قلبه
سامع خطوتها ، وشامم ريحة ورده ف إيدها
لما ناداله صوتها
حط الوردة جنب البحر
وكات البنت لابسه الطرحة لون الفجر
وعنيها الجنة لو وصفوها بجد
لما اتقابلوا ف قلب البحر
عرفوا العزف ، وعرفوا الشعر ، وعرفوا العشق
لما بجد بجد لمس القلب

لما حضنها وحط ف بالها روحه الطايره
وقرب منها ، ومن ضفايرها
وحط البسمة على شفايفها
وقرب أكتر أكتر
كان البحر ف قلبه الوردة بيبصولهم
لما اتعانقوا
ولما تعاهدوا
ولما افترقوا أحبة بتعرف ريحة الحب
لما يكون بين وردة وبحر
بين بنت وشاعر
حلفوا يكونوا مركز كون
وبيحكموا عالم م الأحلام
ضيف مفتون
لما ف أول حضن عرفها
وبين شفايفها دق الوشم
داب البحر بقلب الوردة
فنبتت وردة ف بستان شعر

وف وسط الزحمة كانوا قاعدين
شايفين الناس ومش شايفين
غير ضحكة قلبه ، ودمعة عينه
وعنيها وهي بترسم جوة الروح جنة ونور
كانت مهمومة إزاي تقدر تديه الوردة
أو تقسم قطعة شيكولاتة بين شفايفهم
مين كان شافهم لما اتقسمت جوة قلوبهم
أو رسمت على ملامحهم قلب صغير
وشجر طارح عشق كبير
مين كان شافهم لما ايديهم لمست وردة
واتعانقت في لحظة كل سنين الحرمان
لما الغربة نامت عنهم
مد إيديه لإيديها ودابوا
مين كان شايف لما اتقابلوا جوة الروح
قبل معادهم ده بسنين؟

وف لحظة كان لازم يفارقها
من قبل معادها وهو حاسبها
لحظة خوف .... حزن دفين
هي الدنيا مش كانت بتاعتهم
ولا بتاعت مين؟
لما إيديها انسحبت من إيده
حس برعشة جوة وريده
واتبقت وردة وحيدة ساكنة البحر
قدام البحر لمح الوردة بتتدارى خلف دموعها
والبنت تفارق حرف شاعرها
وتتمشى بحزن
جنب البحر الروح والريح
وهدية كبيرة بين أحضانها
كان لازم يداريها لأطول لحظة
علشان ميحسش بالغربة النايمة
تطلع تاني زي دخان وحرايق
تسرق كل الحالة وتهرب
زي حبيبته مخرجت من قلب الشارع
واستقبلها الحزن الساطع
لازم يعرف إن اللحظة مش لحظة فرقة
كانت لحظة شوق وحنين
لقلب الشاعر
والوردة
والبنت الموشومة جوة العين

الثلاثاء فبراير 22, 2011 11:29 am

دكتور محمد ربيع هاشم
(1)
الأسى والحب والحرية ............... رواية .. الحلقة الأولي

المسافات تدنو .. تراك تناور روحا متمردة ؟؟

أم تراك تجاور نملا غليظا يسحب من تحتك أبسطة الحلم؟

أيها الظمآن .. عجلْ بالفتوحات ، ودقق بدفترك ربما تنم خطوط كفوفك عن عيونٍ شاردةٍ ، أو دماء تفوح روائحُها .....

قال طاهر وهو يخطط في دفتره بعض الذكريات :

ـ الحبيبة تهجرني .. تعصرُ أحلامي .. وتتركني قشةً تتناقلها الريحُ يميناً وشمالاً ، ربما غبت عن الطقوس فلم أعد أعي نواميس البروتوكول؟

حرامٌ عليك الزواج ، حرامٌ عليك الصمود في وجه العاصفة....

قد تحرك الأيام ما هو ساكنٌ ، وقد يُسكتُ الدهرُ ما هو ناطق...

قد تتبدلُ دموعُكَ إلى مساحاتٍ للارتجال والإبداع كالتي صفعت الشاعر على وجهه ، ونبشت جرحه ففارت دماؤه ، كالتي مرت على الزهور لتذبل ، والطيور لتقع في أسرها ....

قالوا : [ كان هناك قديماً عشٌ صغيرٌ صار مدينةً كبيرةً ضمت كثيراً من المهرجين والقردة الممسوخين .. ربما زارتها تلك الساحرةُ الصغيرةُ صاحبة البشرة البضة والخيال الطائر فخلفت وراءها ظلالاً من المديح والثناء ...

هكذا تدور المتضاداتُ في مدينتنا الهادئة ...

نعق فيها الغراب ، وراح البومُ يشدو على المزمار حكاياته السوداء وأغانيه المريضة ، وسال فيها شلالٌ من المياه العفنة الراكدة.........

كأنما غيرت تلك الساحرةُ كل الإشارات ، وطمست بعصاها المدببةِ كلَّ المعالم....

ومع الأيام البطيئة الحركة تحركت ملامحُ ، وسارت الكثبانُ تبطن قاع النهر الأعظم بهذه المدينة الكبيرة ، ومع الفيضان العارم زحفت أطنان الكثبان الرملية إلى حيث صارت مزيجا من النقاط الاستفهامية والبقع الصفراء الغريبة..........

كأنما ربتت الساحرة الصغيرة على أسئلة الطبيعة ، كأنما رتبت لقاءً سريعاً بين الصدفة والتاريخ ، بين الشتاء القارس والأزهار المتفتحة ........]

قال النهرُ : (غفت التماسيحُ فلم يبق لنا سوى قطعانٍ من الحيتان الجائعة النهمة .)

قالوا : [صفها]

قال النهرُ : (كروشُها تلوحُ كقبة أحد المزارات الطاهرة ، المباخرُ على رؤوسِها وكأنها تتبركُ بالهواء ......... هياكل آدمية ربما كانت ، لكن نهمها حيواني ولا شك في هذا ..)

كأنما انقلبت الساحرة الصغيرة إلى ذراتٍ من الرماد المؤجج ، بل بضع جمراتٍ على النارجيلة .... انظروا لهذه الهياكل النتنة التي تربت على تدخين النراجيل ولحس الكناسة !! انظروا إلى هذه الدُمى المصنوعة من آفات المواسم وهوام الأرض ....

هذه مدينة لوط ، ربما زارها أفلاطون قديما فألقاها خارج جمهوريته التي أسسها على الديموقراطية وسيادة القانون ، ثم التقفها دانتي وغسلها في جحيمه الملتهب ثم جمَّلها بالساذجين الطيبين من الناس ...

ربما اعتركت أحشاؤها فصارت شريطاً طويلاً مملاً ...

إنها نتاج شيطاني لا شك في ذلك !!

آلاف السنين مرت ، وآلاف السنين قادمة ، الديناصورات تبصق من فمها الحيتان ، والأراجيح رماديةٌ ، والسنوات تمر وتمر وتمر

كأنما غادرتها الساحرة الصغيرة إلى حيث تجلب لها قريناً ، أو تأتي بجنينٍ يملأُ مستقبلها شؤما .

قال طاهر : هي الخطوط المتقاطعة ، فيضٌ من العلم اللدوني ..

يالذكرياتي الكئيبة ، النقاط تكون حروفاً ، والحروف تصنع أنسجةً من بكائيات التاريخ ، والنواعيرُ تهدر بالكثبان.. هي المستهلُّ ، أول خيوط الصراع .. الإنسان الحجري والعرب البائدة ، وربما ضمت أيضا بعضا من العرب العاربة

تدخل عبير تداعب لحية أبيها طاهر المشغول بخطوطه السوداء البيضاء الرمادية ، فيضعها طاهر على ركبتيه وهو مستلق على ظهره زائغ العينين فتبدو عبير وكإنها نور سرمدي يخنقه دخانٌ كثيف حتى استحال ضباباً رهيباً

ـ بابا ، ماهذه الخطوط الكثيرة؟!

ـ قرابين اللحظات ، وآيات الاستقرار.....

ـ لا أفهم !!!

ـ وكذلك أنا ، إنها تشبه عبادات الأسرار الإغريقية ، أو طلاسم حالات الصوفية ، إنها عميقةٌ جدا .....

ـ ما هي ؟!!!!!

ـ هذه الواحة المنكمشة كقبضةٍ في يد الشيطان ، هذه المياه العابسة عبوس ملايين البشر

(تخرجُ عبيرُ وهي تصيح : أبي .. أبي ... لا أفهم ما يقول ، أبي يقولُ ما لا أفهمه .... ماما أدركي أبي أدركيه)

قالوا : [ من معالمها البارزة هذه الأضرحة الكثيرة التي تحكي ما جرى فيها من سياط السخرة ، وأتاوات الباشوات طيورها مذبوحة ، وليلها بهيم ، وشتاؤها داكن الغيوم شديدها ،

أقام ملكٌ فيها وعزل ثم تولى ابنه فقتل ، ثم قادها حفيده ففسدت أشجارُها واستحالت أوقاتُها عدماً

كأنما زارتهم الساحرة الصغيرة ذات البشرة البضة والخيال الطائر فأعطت الملك خشبةً ، وناولت ابنه مكنسةً ، ووهبت الحفيد وجها لعينا مقيتا مقززا ...]

قال النهرُ : ( حجبوا حاشيتي ، ولملموا ثيابي إلى ما فوق الركبة ، كأنما التبرج هدف والإغراء غاية .. لا أفهم !!)

قالوا [ بماذا تدينُ مدينتُكَ ؟! ]

قال النهرُ : ( بسبعٍ عجافٍ ، وجبلٍ بالطور انهار دكاً حين تجلى له رب العزة وليس لنا إلا التسليم ....

ربما في مجمع البحرين دانت بما دانت ، وربما بنفحةٍ من العذراء البتول التي كأنما أزهقت روح الساحرة الصغيرة فلم تعد تظهر على أحدٍ أمامها ...

قال النهرُ : بذات الصواري تدين ، وبيرق أخضر تظلله أنوارٌ من السماء ، بالملايين من اللُجُب والنواقيس ، بالفراعين وقول الله الواحد الأحد ....

مدت هياكلها قروناً ، وصارت القرونُ هياكل يهرعُ إليها الناسُ ...

الحق أقول مرت من هذا الطريق قوافلٌ من الديناصورات كانت تجرُّ وراءها قطيعا من التنانين ينفث من فَيهِ أسراباً من الحيتان والكروش ...

يالمنظرها الجميل ، إنها قطعةٌ من الفردوس ، جنة المأوى ربما كانت لكنما حملت في جوفها سفاحاً ، عارا يطل ملوكُها ، واستغاثاتٌ برب العزة .... أيتها المعادلة الصعبة !!!

ربما تحتاجين آينشتين أو نيوتن أو ربما جابر بن حيان ، أو حتى بنتاؤور الشاعر الفرعوني ليضربَ لك قصيدة عصماء

ربما تكنسك رياح ماركس ، وتغسلك أفكار بن عربي ، وتلفك أشعار بن الفارض وبول فاليري وفيرلين ، والإمام الغزالي ليغزل لك طوقا للنجاة ..

النبات البنات الشهود النهود الفضيلة غاضت منابعُها ..

خليطٌ من السموات العالية والقبور العميقة الغور ..

جبال شاهقة وجرف كبير ،

ثلاثة رجال مخنثين ، وفراش ونطعٌ ثقيلٌ ... ربما سبق الفراش والنطع الثقيل الرجال الثلاثة المخنثين ... وربما سبق الرجال الثلاثة المخنثون ، وربما كان الجميع مزيجاً من أسلحة الدمار الشامل ، جيوباً من بيهاتش أو جورازدي أو حتى جروزني أو القدس الحبيبة .....

هو الخط المستقيم يتعرج ، الشموس التي تخلف وراءها رائحة الحريق , الفجر المكتوم .. هم النصابون الدجالون ، هم الزبانية الخائنون ، ربما كانوا صنوفا مستوردة من الخيال المزيف ، من العباءات الزاهية الحريرية المثيرة للجلد .. الحارقة له ، المعذبة لمسامه

ثلاثة رجال مخنثون يقيمون عرشا على التلال ، وفوق أكتاف الناس الساذجين ، ومن النهر المبطن بالكثبان الرملية يقبضون على رقاب الحيتان لتكون خدمهم ، ويستخفون الناس فيطيعوهم

تنهض الحيتان ذات الكروش الكبيرة على مراكبهم المزدانة برقاب الناس الساذجين الفاسقين ، وبيارق الرياء القاحلة القاتمة

ثلاثة رجال مخنثون عاش كل واحد منهم ألف عام ، ربما كانت عزبة توارثوها ، أو تكيةً لأحد الحكماء الظالمين ،

سموها من حروفهم فصار اسمها يأخذ من كل واحد منهم رمزاً

كأنما باركتهم الساحرة الصغيرة ذات البشرة البضة والخيال الطائر ، كأنما غسلتهم من صبار الصحراء وسراب الرمال المملوءة بالقيظ

ربما صاروا رؤوسا كأنها الشياطين ، أو شياطين كأنها الرؤوس .... لا يهم ... جذورهم شجرة الزقوم ، وأرجلهم لعنات تنصب على المعقول......

ربما رسمهم قلم صمويل بيكيت ، أو همشهم فرويد وضمَّنهم أراءه ... ربما أسكنهم الفارابي مشانق مدينته الفاضلة

قال النهر : هم المرتدون ، جيوش الروم والفرس ، دبابات روسيا وطائرات أمريكا ، تهويد القدس ، التصحر ورصاصات الصعايدة الطيبين

هم شجرةُ الدر ، هتلر ، يزيد بم معاوية فالعن يزيد ولا تزيد .............)

قالوا : [ أيها النهرُ هل تحكي ... إنا لمنتظرون ؟؟ ]

قال النهر : ( ثلاثة رجال مخنثون أولهم ملكٌ ... وثانيهم ابنه .. وثالثهم حفيده ، جميعهم واحد وواحدهم يمثلهم جميعا )

لازال صوت عبير يهتف في المنام .. أمي .. يا أمي ، أدركي أبي ..... أبي يقولُ ما لا أفهم .. وأنا لا أفهم ما يقول أبي فأدركيه يا أمي أستحلفك بالله .

يفيق طاهر على صوت ابنته فيصيح :

ـ عبير لن تفهمي .. أمك لم تفهم .. وأنا أحاول أن أفهم .. حاولي ربما تنجحين أنتي ... حاولي أن تفهمي فربما تعينين أباك ...

ولازال صراخُ عبير عاليا مسموعا واضحا قويا : أدركية يا أمي أدركيه

الثلاثاء فبراير 22, 2011 11:31 am

(2)
الموضوع: الأسى والحب والحرية ............... رواية .. الحلقة الثانية‏
قالوا : [ فلما اعتدلت قامة النهرِ .. وانبثق شعاع الشمس من بين الضلوع .. وسرت الروحُ تَهيمُ على وجهها أذنت الساحرة الصغيرة ذات البشرة البضة والخيال الطائر للنهر أن يروي حكاية الرجال المخنثين الثلاثة .. ملك ، وابنه ، وحفيده ... ربما كانوا لغزا .. فالابن كره الملك وراح يزيد فساد أبيه فساداً ، والحفيد لم تكن له أية ملامح تُظهر له شخصيةً ما ، أما الملك فقد أصلح ما أفسده الآخرون .. ثم أفسد ما أصلحه ....

أحاجٍ وألغاز .. وأطياف رمادية .. وسحابات من الهموم والقلق ]

يتهيأ طاهر لهذه الفيوض المقبلة بنفس مفعمة بالأمل .. وروحٍ تواقةٍ إلى الخلاص ..

القواريرُ تلمع في الحجرة المظلمة ، ربما كانت شاشات عرض مسدلة على الجدار القديم ، أو أشباح سوداء بملابس بيضاء على مسرح قديم متهالك كذلك الذي يقوم بوصفه كُتّابُ الميثولولجيا اليونانيون خاصة نقاد فن المأساة الإغريقية ... الصمت يقتحم حدود الزمان ، والألفة تؤنس دعوات المكان المهيبة

إنها لحظة الغوص في محيط المعرفة ، لحظة الغرْف من البئر التي لن تنضب إلا بالقيامة ... خيولُ عمرو ، ودباباتُ روميل ، وفتح أواريس ، وأذان الفجر ، وتنصت أمن الدولة..

إنها الاشتراكية ، والانفتاح الاقتصادي ، والخصخصة ، وقانون الإرهاب

إعدام سيد قطب ، وطلائع التنظيم الأحمر ، ومراكب الشمس ، وحفر القناة ، وبناء الأهرامات الثلاثة...

إنشاء الجماعات الإسلامية ، والإرهاب المصطنع ، وتكميم الأفواه بقانون الطواريء ..

إشارات تغدو وتروح .. تتشظى آلافاً من المعاني والحكايات

عفيفي مطر يقول : " فتنسكب الحكايا السودُ في الرملة " .. ربما كانت رملة الأنجب تطبيقا فعليا لنظرية الجزء محيط الكل .. أو ربما كانت نبأً بأن الشعاع يخترق الثوابت فيخرقها خرقاً .......

قالوا : [ فلما أذنت الساحرةُ الصغيرةُ ذات البشرة البضة والخيال الطائر للنهر أن يروي حكاية الرجال المخنثين الثلاثة .. ملك ، وابنه ، وحفيده ربما كانوا لغزا .. فالابن كره الملك وراح يزيد فساد أبيه فساداً ، والحفيد لم تكن له أية ملامح تُظهر له شخصيةً ما ، أما الملك فقد أصلح ما أفسده الآخرون .. ثم أفسد ما أصلحه ....

أحاجٍ وألغاز .. وأطياف رمادية .. وسحابات من الهموم والقلق ]

قال النهرُ : ( بلغني أيها الباحثُ الفاني ، واللون القاني أن قريةً صغيرة .. آمنةً أميرة .. أهلها طيبون على مر السنين .. كقبضةٍ في يد الشيطان .. نبتت مليئةً بالحنان .. حكامُها طغاةٌ على مر الزمان ، عصورها متشابهة بحيث لا تفرق بين عصر وآخر ..

وكنت أسيرُ بين ربوعها فيملأني الفخر بها ، تتقاذفني أيادي الصبايا .. ويرتوي من قطراتي الرجال الأحرار الذاهبون إلى غبار المعارك وحوافر الخيول ، أو الذاهبون إلى الصحراء يفجرون الديناميت في الصخور باحثين عن الكنوز .. ذهباً أصفر أو أسود ، أو الذاهبون إلى تلال الوادي يزرعون القطن ، ويجنون البنجر والقصب ...

كلُهم أبنائي .. عشتُ بهم ولهم ، أشاركهم بؤسهم وفرحهم ، كآبتُهم وتفاؤلهم ..

كم روى أبنائي الشعراء عني خرافات وأساطير ، تارةً يغازلون جنادلي ، وتارةً أخرى يلقون في مياهي ابنةً لي حاسبين أننا سنصير زوجين بعد إلقائها ، وتارةً يتعقبون أمواجي الصغيرة ، أو يقيدون حركتي ببناء سدٍ مريع ..

ربما يجهلون حقيقة كينونتي ، وسر تنزيلي من السماء .. مياهي لا تغيض حتى ولو جفت المنابع ، حتى ولو زحف التصحر على روابي العالم جمعاء ، لقد وُهِبتُ إلى هذه القرية الحبيبة وأنا لها ما مدّ الله في عمري ...

يقول ابني محمود حسن إسماعيل : سمعتُ في شطك الجميلِ ما قالت الريحُ للنخيلِ

يسبحُ الطيرُ أم يغني ويشرحُ الحبَّ للخميلِ

وأغصنٌ تلك أم صبايا شربن من خمرة الأصيلِ

أما ابني جمال حمدان فيقول : " الحقيقة الأولى في وجود هذه القرية هي أنها النهرُ .. فبدون النهر لاكيان لها ليس فقط من حيث مائه وإنما أيضا من حيث تربته "

هذا شعب طيب حقا .. أبناء مخلصون لا يُرزءون إلا في حكامهم ، آفتي الوحيدة أنا النهرُ وحبيبتي القرية الهادئة الطيبة حكامُنا الطغاة الظالمون ..

العصور متشابهة .. نقاط زاحفة في هوّة سحيقة ، وحدود تتفاوت قدرتُها على الصمود ، يطمع في حبيبتي أبناؤها قبل أعدائها .....

ولأحكي لكم حكاية هذا الحفيد العميل لأثبتَ لكم أن أبنائي أعداءٌ لحريتي : ـ

صحت حبيبتي القرية ذات صبحٍ على أصوات بنادق ، وحوافر خيلٍ ، وهدير متواصل من زعقات الفساد اللانهائي

قسموا القرية تقسيمات رأسية وأخرى أفقية ، رقعةً من المربعات والحروف التي تلتقي أو لا تلتقي ، وكان التقسيم الرأسي ينحدرُ مبتدأً من أسفل إلى أعلى هكذا .. شحاذ ، لص ، خريج تنهشه البطالة ، فاسد في مركز مرموق ، عين من الأعيان ، لص كبير ، باشا ، حفيد الملك ، أما التقسيم الأفقي فكان يبدأ من اليسار لليمين هكذا .. لا عدد له ، حلال ، حرام ألا يسرق ، معتدي آثم ، كثيرون ، مبروك الطلعة ، سيفُه باتر ، وحيد زمانه

على هذه الصخرة بكى ابنٌ لي صائحا في سكون الفجر ، ورسيسٌ من هوائه القارس يقرص جسده النحيل :

ـ يا أبي حصلت من الجامعة على أعلى تقديرٍ في كلية الحقوق ، وتقدمتُ للجنة اختيار القضاة ولم ينصفوني ، أخذوا واحداً من سلالتهم المباركة ، وألقوني بمجموعي وطموحي على شاطئك ، ليس لي إلاك يا أبي .. فهل تحل لي هذه الأزمة ، فقدان التوازن ، هل تلفظني حبيبتُك القرية ، أم أنه " وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا " صدق الله العظيم ؟؟؟.

قال النهرُ : فأنهضته وغسلته بين ساعدي بمياهي ثم التقفته يدُ حبيبتي القرية وصرنا نغسله بالهبات .. ونسقيه من كأس التحدي حتى غدا شجرةً مباركةً يزورُها روادي من أبنائي المخلصين الطامعين في الخلاص .

وكانت حبيبتي القرية تهتزُّ من الظلم الواقع على أبنائها الطيبين من هذا الحفيد العميل وفرقته الفاسدة ، فمادت بهم وارتجت فما كان منه إلا أن تسول عليها

قال النهرُ : ملايين العذارى يغتسلن بي ، يسألنني عن فارس الأحلام .. علاء الدين ، والسندباد ، روميو ، وعنترة بإبله الحمراء المائتين ..

ملايين من الشباب البائس تنهشهم العلة ، ويَفغرُ لهم الفناء فاه...

السلع الرائجة الرشوة ، النفاق ، الرياء ، الكذب ، الفساد ، القتل ، السرقة الاغتصاب ... والسلع التي لا مكان لها الأخلاق ، الإيمان ، الصلاة ، الإصلاح ، العدل ، الصدق ، الأمانة .

قال كسرى : " لا مُلكٌ إلا بالجند ، ولا جند إلا بالمال ، ولا مال إلا بالبلاد ، ولا بلاد إلا بالرعاية ، ورعاية إلا بالعدل ...."

وسأل الإسكندر الأكبر أحد الحكماء في بابل : " أيهما أبلغ عندكم الشجاعة أم العدل ؟؟ فأجابه الحكيم إذا استعملنا العدل استغنينا به عن الشجاعة "

قال النهرُ : الباشا معناها التركي حذاء السلطان ، أما أفندي فهي كلمة تركية عثمانية أصلها يوناني لقب بها الضباط والموظفون المحدثون في الامبراطورية العثمانية ، ثم تسللت هذه الكلمة إلى البلدان العربية واستخدمت مقترنة باسم الشخص للتبجيل والاحترام ، وكان السلطان يُنادى أحيانا أفندمز أي يا مولانا

قريتي الحبيبة تعيش في الطواريء منذ فترة ليست بالقصيرة ، سيف لا تعلو عليه رأس إلا وجُزَّتْ ، ولا يطاوله لسانٌ إلا وقُطِعَ ، ولا تتملاه عينٌ إلا وفُقٍأت....

إنه فرعونُ وهامان ، نيرون وجنكيز خان ، تشتيت العمامات الخضراء والطاقيات التي بلون البرسيم ..

حبيبتي القرية مريضة ، أحشاؤها تحولت إلى روافد ومصبات ومنابع .. المصبات امتلأت والروافد تشعبت بضع عشرة شعبة والمنابع تدفع الملايين إلى المعترك ، والآلاف إلى تلك الجزيرة الصغيرة الساحرة المغلقة على أهلها ..

الموسيقى تدشنُ الهموم .. الناي تتراقص معه مظلات الروافد ، بينما المصبات كالمصفاة .. وأسنان المشط تفاوتت في الطول والقصر والضخامة والنحافة

يقول سارتر : " الوجود قبل الجوهر " ، ويصيح ديستوفسكي : " إذا لم يكن الله موجودا فإن كل شيء يصبح مباحا " .... ويقول علي أحمد إسبر(أدونيس) : " أجمل ما في النهار ذراعاه ، وأجمل ما في الليل صدره .. هل يستطيع النهار أن يتغطى إلا بالليل ؟؟ "

فرويد عضو في نادي بناي برث وكان يفتخر بانتمائه الصهيوني ..

يقول نشيد الإنشاد : " كفلقةِ رمانٍ خدُك تحت نقابكِ ، ما أجملَ رجليكِ بالنعلين يا بنت الكريم ، دوائرُ فخذيكِ مثلُ الجواهر صنعة يدي صنّاع ، سُرتُكِ كأسٌ مدورةٌ لا يعوزُها شرابٌ ممزوجٌ ، بطنُكِ صبرةُ حنطةٍ مسورةٌ بالسوسن ، ثدياكِ كحشفتين توأمي ظبيةٍ ، عنقُكِ كبرجٍ من عاجٍ ، قامتُكِ شبيهةٌ بالنخل وثدياكِ بالعناقيد ، قلتُ : إني أصعد إلى النخلة وأمسك بعذوقها "

قال النهرُ : جملةٌ من المتضادات والثرثرة البهيمية ، إنها ثورةُ الغرائز ، الماشية تقهر الإنسان ، والإنسان يقهر الملائكة ، انظروا لهذه الجمرة الملتهبة وقعت في مياهي لقد انطفأت لكن دوائر خُلِّفَتْ حولها إنها تتسعُ تتسع حتى تتلاشى !!

إنهم بعض المرتزقة على الدنيا ، الشريعة الإسلامية هي الملجأ ، هي أنتم أيها السادة ، هي الله ، هي القانون والعدل ، ما أحوجنا للمتقين : " إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر صدق الله العظيم " ما أحوجنا للمؤمنين : " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون صدق الله العظيم "

أيتها القرية .. أيتها الحبيبةُ البائسة .. أيتها الأنفس الطيبة والجدران الحزينة تشبثي بالنهاية ، بالنور المبهر والساحات الخضراء المفعمة بالأمل هذا الحفيدُ ضعيف ، نعم إنه أضعف من البعوضة التي أكلت مخ النمروذ .. أضعف من نملة مخدرة ، لكن ما يقويه هذه الأجسام الفارعة التي تملك عقلا تافها ، وهذه القلوب الطيبة الفاسقة ، وهذا الدعم الذي يمده به أساطين الفساد ونسل الشياطين الخارجون عن طبيعتك الطيبة الفطرية ...

إنه التطبيع ، الهزيمة السلبية ، والغزو الثقافي المرير ، إنه حربُ الكواكب ، والدش والشاشات المطلية بالريشات الجهنمية التي ترسم ما يخطر ببال ......

ونهايتُه يا قريتي الحبيبة هكذا رسول يأتي من بعيد طالبا تكميم أفواه أفراس النهر لأنها تزعج من يطمعون .. ثم تعلو الطوافات والحوامات وتُنصبُ الفخاخ وتطلق البوارج داناتها ويسقط الشهداء على صدرك

يا ويلة صدرك وقلبك ، يا ويلتنا .. ماذا سيكون حفيد الملك حينذاك ؟؟ سيهرب مقصودا بالسلامة إليهم سارقا خير أبنائك ، وحاملا معه كل شيء حتى دمائهم في كرشه وكروش أصحابه المفسدين ....

وأنتي المفطورة بهمك المستطير ، ألأجل هذا ارتفع ضغط دمك أيتها القرية الحبيبة ، ألأجل هذا تبدو عيونك مغموسةً في تيار الحزن والكمد ؟؟

يقول جان جاك روسو : " إنني أفترض أن العقد الاجتماعي هو اتفاق الأفراد البدائيين على إنشاء مجتمع سياسي يخضع لسلطة عليا وهذه هي الديموقراطية "

والفراعنة كانوا أكثر الشعوب القديمة تدينا ـ على حد قول المؤرخ هيرودوت ـ وكان الفرعون هو خليفة الله في الأرض ، وأحيانا كان يُعد ابنا للإله أو إلها كفرعون موسى .. فكان الفرعون يلقب هورس وهو لقب الإله المعبود في عهد الأسرتين الأولى والثانية ، أو يلقب رع وهو لقب الإله المعبود في عهد الأسرة الرابعة ، أو أمون أو غير ذلك .... ولم تكن نظرية الحق الإلهي المباشر أيام الفراعنة أداة استغلال من الملوك للعقائد الدينية ، أو مجرد وسيلة أو حيلة لتفسير وتبرير السلطة المطلقة للملوك كما حدث ذلك في العصور غير البعيدة .. إنما كانت تلك النظرية لدى الفراعنة نتيجةً طبيعيةً لظروف البيئة الاجتماعية والحياة العقلية في الأزمنة القديمة .

يقول ابني جمال حمدان : " لا يعرف تاريخ هذه القرية من يُنكرُ أن الطغيان والبطش من جانب ، والاستكانة أو الزلفى من الجانب الآخر هي من أعمق وأسوأ خطوط حياة هذه القرية عبر العصور ، فهي في الحقيقة النغمة الحزينة الدالة في دراما تاريخ هذه القرية "

قال النهرُ : هذه الأفكار السوداء .. هذه النظريات التي تتعارض فيما بينها ، أو مع التطبيقات العملية ، وهذا العميل المخنث ذو القفا العريض والأرداف الممتلئة ..

قال جمع من أبنائي المخلصين : " هو أسوأ عصرٍ يا أبي ، قسموا قريتك الطاهرة العذراء ، وفرقوا أبناءك المخلصين ، الدائرة ضيقةٌ جدا يا أبي ، المرموقون أبناء مرموقين .. والشحاذون أبناء شحاذين .. النفاق والتملق صفات العوام .. والطيبة والصراحة شيمة الخواص

هل تسمع منا هذه الحكاية يا أبي ؟؟؟

هل تسمع منا هذه الحكاية يا أبي ؟؟؟

ـ كان معنا في المعتقل خمسة عشر مجاهداً ، في ضفةٍ تبعد عنك قليلا .. لحيتُهم كثةٌ سوداء ودموعهم قطراتٌ متقدةٌ ، قام الشيخ عامر وهو واحد من أصدقائنا الخمسة عشر وراح يرتل : " وكل طائر ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا صدق الله العظيم "

كان يرتل يا أبي بقلبه ، ففمُه قد وضعوا عليه قصاصة لاصقةً لم تستطع أن تكممه ، وكانت أسياخُ الحديد تدخل في دبره فلا يصرخ ..

قال النهرُ : وقف حسين الحلاج فوق الجمرات المتقدة وكان يبتسم ابتسامةً جميلة ، وكان رباح بن عمرو تشوي أشعةُ الشمس ظهره وهو يبتهل باكيا : واذنباه وارباه ، وبلال بن رباح كانت عضلات بطنه تداعب الحجر الموضوع فوقها مرددين سويا أحد أحد ، أحد أحد ، وكذلك أهل البوشناق ومجاهدو جروزني

منذ 17‏ ساعة · إبلاغ

<LI id=post94587 class="pvm uiUnifiedStory uiStreamStory pvm uiListItem uiListLight uiListVerticalItemBorder">
دكتور محمد ربيع هاشم

يقول الراوي : أخبرني صديقي الطاهر وطار عن وأد المد الإسلامي في الجزائر ، وعن الفرنسة ومكابدة المتعبين ، عن الشمعة التي ستنير الدهاليز ، عن عمار بن ياسر والعارم والجمهورية الإسلامية.

قال النهرُ : عن نساء القدس خُبرت ، ورجال الصومال ، وأبطال الفلوجة وديالي والأنبار ، عن حسن البنا ، وسنابك الجيش الإنجليزي ، وحوافر خيل الإسكندر الأكبر .. عن زبر الحديد وردم يأجوج ومأجوج ، عن العلامات والإشارات القادمة !!

أيها الأبناء المخلصون ... مات عامر ؟؟ أليس كذلك ؟؟

ـ كان القرآن يخرج من فَيه وقلبِهِ يا أبي ، ودموعُه حرَّى تغسل آلامنا ، وتأخذنا بعيدا عن جدران هؤلاء الزبانية الظالمين ....... قال بعض الضباط : ما هذا ألا يحسون ألا يشعرون ، إنهم متطاولون لابد من جز رقابهم جميعا غدا في الميدان الأحمر .. في حديقة البيت الأبيض على مرأى ومسمع من أجهزة وعيون الموساد.

قال النهرُ : اسمعوا نزار قباني يقول : " محاكم التفتيش عادت والمفتشون ، والدونكشوطيون لازالوا يشخصون ، والناس من صعوبة البكاء يضحكون "

ربما اتضح الآن سبب تسليم الأندلس لأمير قشتالة.

ـ تحرك الفيلق الميمون يا أبي ، واختاروا خمسة من بيننا ألبسوهم لباسهم الزاهي وقصوا شواربهم ولحاهم ثم عطروهم بالفل والياسمين وراحوا يلتقطون لهم التصاوير .. ثم تخيروا من بين الخمسة واحداً أردوه قتيلا في الحال دماؤه تتفصد على أرض الزنزانة ثم أعطوه مسدساً قلذفا للمياه والتقطوا له التصاوير وهو ممسك بالمسدس !!!!

ثم أخذونا يا أبي لنودعَ صديقنا وأخانا في غرفة أسموها غرفة التشريفة على جدرانها صور شيطانهم الحفيد يبتسم ... لم نكن نعلم من هو ولا ما اسمُه ... وما أن رأيناه يا أبي حتى شعرنا بأهدابه تهتز وصدره يرتفع ويهبط وصوت ملي بالشجن يصيح " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون صدق الله العظيم "

نعم يا أبي إنه الشيخ عامر .. الظلال الطيبة الوارفة التي أحاطتنا بالآيات الحافظة .. أعلمنا بأمور ديننا سألناه يوما :

_ أخي الحبيب .. هل حرام وصولنا للسلطة ؟ هل حرام أن يُقام العدلُ ويتساوى الجميع تحت مظلته أميرنا وشحاذنا ؟ هل حرام تطبيق الشريعة الإسلامية على أرض هذه القرية ؟ لماذا نحن هنا أيها الأخ الحبيب ولماذا هم هناك يعيثون فسادا ويلوثون طيبات الله ؟

قال لنا بعد أن وحد الله وصلى على رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه :

_ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استفت قلبك ولو أفتوك ولو أفتوك ولو أفتوك "

نحن هنا أيها الأخوة في الإسلام لا نبغي أبدا الوصول للسلطة ليس لكونها حراما أو حلالا ولكن لوجوب إطاعة ولي الأمر وعدم شق عصا الجماعة .. يقول الحق سبحانه وتعالى : " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم صدق الله العظيم " .. لكن طاعتنا لولي الأمر يجب أن تكون في محلها .. بمعنى أن نطيعه ما أطاع الله فينا وطبق شريعته التي فرض علينا جميعا طاعتها ، وطالما حكامُنا لا يطبقون الشريعة فمن أين لهم علينا حق الطاعة ؟؟!!

قال الشيعة وأهل السنة يجب في هذه الحالة إسداء النصح لولي الأمر ، وقد قمنا بذلك وهاأنتم ترون مصيرنا .. الخوارج نادوا بسل السيف في وجه الحاكم الذي لا يمتثل للنصح .. ونحن أيها الأخوة لا نطلب سوى تطبيق الشريعة .. فلماذا يخشون تطبيقها؟؟!!

قال النهرُ : الفأرُ لا يخشى إلا القطة .. مارتن لوثر أعاد مكانة الكنيثة الكاثولوكية .. سبارتاكوس حرر العبيد وشُنِقَ .. الخديو إسماعيل أحب قريتي فكان مصيره العزل والتشويه ..

يقول الشافعي : " ينعزل الإمام بالفسق والفجور وكذا كل قاض وأمير " .. أما بن حنبل فقد قال : " السمع والطاعة للأئمة البر منهم والفاجر " .. وحجة الإسلام الغزالي أفتى : " لايجوز الخروج على الإمام إلا أن يكون كفرا بواحاً " .. المعتزلة قالوا : " لم يكن الحسين بن علي سبط الرسول خارجاً بل مثلت ثورته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد لا بمجرد القول والقلب " .. وخالف أبو بكر بن العربي الجميع في العواصم من القواصم قائلا : " الحسين بن علي سبط الرسول خارج على الجماعة مقتول بسيف جده " ..

وأنا يا أبنائي لا أحبذ العنف إلا إن كفر الحاكم ..

قال أبنائي : هذا ماقاله الشيخ عامر بالضبط يا أبي لنكمل لك باقي رده

_ يقول الحق سبحانه وتعالى : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون صدق الله العظيم " .. إذا أيها الأخوة هؤلاء الحكام كفرة مارقون يجب الخروج عليهم باتفاق الآراء .. نحن أسدينا لهم النصح وأخلصنا في ذلك فلم يسمعوا لنا ، إنها شريعة الله نبغي إقامتها سواء عن طريق ولاة أمرنا أو عن طريقنا ، هو الجهاد إذا يا أخوتي.

قال النهرُ : قامت الثورة الفرنسية على أفكار روسو وفولتير ومونتسكيو وهوبز .. البركان لا يفور في لحظةٍ .. الزلزال طاقة مختزنة ، الأعاصير تيارات ذات بنية قوية ..

إنه تحقيق لكلام خاتم المرسلين " الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين " .. إنها "فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منهم خاصة" ،

قال الشيخ عامر : حق الكلمة أيها الأخوة الطيبون هو دورُنا الآن .. إننا مصلحون ولسنا مخربين ، إننا أصحاب حقٍّ أيها أخوة وسيلتُنا العقل وسلاحنا الكلمة .. أما بلغكم قول محيي الدين بن عربي " قال الحق للكلمة : أنتِ مربوبي وأنا ربُّكِ ، أعطيتكِ أسمائي وصفاتي ، فمن رآكِ فقد رآني .. ومن أطاعكِ فقد أطاعني ، ومن علمكِ فقد علمني ، ومن جهلكِ جهلني .. فغاية من (هم) دونِكْ أن يتوصلوا إلى معرفة نفوسهم منكِ ، وغاية معرفتهم بكِ العلم بوجودكِ لا بكيفيتكِ .. فاعلمِ أن من دونكِ في حكم التبعية لكِ كما أنتِ في حكم التبعية لي ، فأنتِ ثوبي وأنتِ ردائي وأنتِ غطائي ! "

العنف لا نعرفه إلا إذا يئسنا ، ونحن نؤمن بقول الحق تبارك وتعالى : " إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون صدق الله العظيم "

نؤمن بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : " الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين " .. الآن يجب أن تعلموا أننا مجاهدو كلمة نطبق الإيمان على أنفسنا أولا ، لسنا دعاة سلطة بل دعاة حق ...

قلنا له : _ أيها الأخ الكريم لماذا نحن هنا وهم هناك يعيثون فساداً في الأرض ؟ فقال لنا :

_ إنه الإسلام أيها الأخوة يخيفُ كلَّ ظالم ، سينتصر الإسلام بقوته الروحية وهباته الإلهية ، أما الظالمون فسيندحرون تحت عجلات الخوف .. الخوف قاتلهم والحق ناصركم : " لن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه صدق الرسول الكريم " ، " والله قاهرٌ فوق عباده صدق الله العظيم " ..

نحن هنا أيها الأخوة مجاهدون ، وهم هناك ظالمون .. إنه الصراعُ من اللاشيء " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون صدق الله العظيم ".. إنها أمانتُنا أيها الأخوة تعليم أكثر الناس مالايعلمونه ، الإيمان فطرةٌ والإسلام ثوب .. النباتُ ينمو في القلوب .. هذه القرية آمنةٌ ، كل من وما دخلها آمن .. " إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم صدق الله العظيم " .. هذه بشرانا أيها الأخوة ، الفيض العارم ورياح التغيير التي ستهب على قريتنا ، أنفسُنا تتغير ، عقيدتنا تنمو في قلوبنا ..هذه قوتُنا لسنا ضعفاء أيها الأخوة إننا مبتلون " وخيركم أشدكم ابتلاء " ..

قال النهرُ : هو الإسلام لا الاستسلام ، هو العروة الوثقى لا انفصام لها لا التطرف ، هو الهدى والكلمة الطيبة لا الإرهاب ، هو الحقيقة لا الباطل ، الحقيقة لا الزيف وشعارات الفتنة ، الحمل المشروع الحلال لا الحمل السفاح.

قال الشيخ عامر :

_ نحن لا ننادي بنهضة صلاح الدين وإعادة حطين ، ولا ننادي بقطز وعين جالوت ، ولا بأحمس وفتح أواريس .. إننا ننادي الله ، نبتهل إليه أن يحفظ قريتنا ويوفقنا في جهادنا ، أن يمنحنا مزيدا من فتوحات أفغانستان والبوشناق والشيشان ، مزيدا من الصلابة والقوة والصمود : " مازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويداه التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولإن استعاذني لأعيذنه "

قال النهرُ : قال الحلاجُ ذلك يا بني فأحرقوه بدعوى الحلول !! قال أبنائي :

_ لم نر وجهه يا أبي أبدا ، فقد كان ظلام الحجرة دامساً ، حالكاً لكننا أبصرناه في قلوبنا شمعةً مبهرةً ، ثريا تضيء جنباتنا ، شمسا تشعرنا بالدفء والنور .. لم يكن واحداً بل كان جيشاً جراراً ، نوراً سرمدياً وقارب نجاة .. لم نكن نتباكى حين نسمعه يرتل القرآن الكريم بل كنا نبكي بحرقةٍ من قلوبنا .. حتى المخبر قاسي القلب عبد الجواد طه شعرنا بقطرات دموعه تبلل حجرة المعتقل ، وبأن أنفاسه تتحشرج ، ويديه ترتعدان ، وعينيه زائغتان ..

كانوا يعذبوننا ونسمعه يرتل آيات القرآن الكريم فلا نتألم ، تكسو جلودنا جلودُ الأفيال ، يستمروا في التعذيب فلا يصمت ولا نتألم ، لم تخرسه أسياخُهُم ، ولم تقتله رصاصاتُهُم

قال واصفا لنا قصة دخوله المعتقل لأول مرةٍ : - عندما هوى على صدغي كفُّ المخبر يلطمه بقوةٍ لم تتفتح عيناي ، فقد كانت سورة يوسف تملأ قلبي وتأخذني أخذا : " قال رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه صدق الله العظيم " وحين دخلتُ حجرة التشريفة ازددتُ يقيناً أننا المنتصرون وهم فلول ستولي الأدبار.

قال النهرُ : وهل تحركت جوارحُه حين أبصرتموه مضرجاً في دمائه ؟

_ بل أبصرناه روحا تستنهض قوانا ، ضميرا يلقي على أكتافنا حمل الأمانة ، نعم يا أبي كانت جوارحُه تتحرك ، والقرآن ينبعث من قلبه مرتلا جميلا .. وفي اليوم التالي ألبسوا زملاءنا الأربعة القيود ، وألقوا جثة الشيخ عامر في

المشرحة وخرجت الصحف الموجهة بمانشيتات عريضة : " مصرع الإرهابي الخطير الذي دبر محاولة الاغتيال ، المعركة تستمرُّ أربع ساعات بالبنادق الآلية والقنابل اليدوية " ثم طبعوا صورة الشيخ عامر مضرجا في دمائه .. هذا هو الإرهابي اللعين ، إنه مخطط لهدم الاستقرار..........

قال رئيسهم : إننا قد اخترقنا الجماعات الإرهابية ، الدين ستارٌ لأغراضهم السلطوية ..

" فلا تعجل عليهم إننا نعدُّ لهم عدّا صدق الله العظيم "

أيها المفتي أفتنا في قومٍ يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله .. ويطالبون بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ؟؟ قال : " تقتلوهم وتصلبوهم وتقطعوا أيديهم وأرجلهم من خلاف ، شهادات الاستثمار حلال ، ضرب المسلمين بخيول الأعداء حلال ، بنوك التبرع بلبن الأمهات حلال ، إننا دولة مؤسسات تمام يا ولي الأمر "

قال رئيسهم ائتوني بهذا المفتي العبقري أستخلصه لنفسي ، ما أحوجنا إلى هذا الشيخ الورع ، إننا في أمس الحاجة لهيبة العلماء وتأثيرهم في الناس ...

قلنا يا أبي : الحق قول الحق : " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا صدق الله العظيم

قال النهرُ : وأنتم يا أبنائي كيف حالكم ؟

_ زدنا يا أبي ، كل يوم نزيد ضعف اليوم السابق ، حتى لقد أوشكت الأسوار أن تخرق أجسادنا ، بلغ سلامنا إلى قريتك الحبيبة ، قل لها لا تميدي ففي جنباتك قلوبنا وعلى رأسك أحلامنا ، وإننا قادمون قادمون قادمون ...

قال النهرُ : الصورة حالكةٌ ، الضربات تقصم ظهر البعير ، الإسلام ينبتُ في كل مكان ، في قلب الدب الروسي وفي عقل الأمريكان ، وفي ربوع قريتنا الهادئة المستكينة ... إنه يزحف كالفيضان ، يصعق كاليزر ، يصرع كالكهرباء .. فلابد منه إنه الخلاص من كل الآلام

"إذا ضاعت الأمانة فانتظروا الساعة صدق الرسول الكريم" والحقيقة أمانة في رقابنا ، الحقيقةُ (هم) لا (أنتم) ، الحقيقة الوجودُ لا العدم ، الحقيقة اتفاق الحكومة والمعارضة ، (ضرب الشعب بلقمة قمح) ، بيع الدولة في مزادات الخصخصة المزيفة المفبركة التي تبيع كل شيء بأبخس الأسعار مقابل عمولات زهيدة ، نهب ثروات حبيبتي القرية ، اختزان الأحلام في بئر الكذب المزين ، طابور الخبز ، اختناق الفرحة في عيون الناس ، ارتسام التشرد في دموع الأطفال ، الحقيقة أمانة .. الشيخ عامر ابني .. الإسلام كينونتي

<LI id=post94586 class="pbm uiUnifiedStory uiStreamStory pbm uiListItem uiListLight uiListVerticalItemBorder"></LI>

دكتور محمد ربيع هاشم

دكتور محمد ربيع هاشم

رد: دكتور محمد ربيع هاشم

رد: دكتور محمد ربيع هاشم

رد: دكتور محمد ربيع هاشم