سهرالليالي
منتدى سهرالليالى ♥♥ .... أحلى منتدى
مرحبا بك ....عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائها اهلا بك فى اسره منتدى ......... 🌺 سهرالليالى
احلامنا البسيطه لازم تجرى فى دمنا علشان نقدرنعيش ونحقق حلمنا♥♥.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

سهرالليالي
منتدى سهرالليالى ♥♥ .... أحلى منتدى
مرحبا بك ....عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائها اهلا بك فى اسره منتدى ......... 🌺 سهرالليالى
احلامنا البسيطه لازم تجرى فى دمنا علشان نقدرنعيش ونحقق حلمنا♥♥.
سهرالليالي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
السارق والمسروق من الثلاثاء مايو 10, 2022 12:26 amمحمد السحرى
الى كوفيد 19 كرونا الجمعة أبريل 01, 2022 12:27 amمحمد السحرى
من وحى حبك الخميس مارس 31, 2022 11:54 pmمحمد السحرى
أعجاز علمى فى سورة الكهفالسبت يناير 29, 2022 6:58 pmسهرالليالي
الزمالك فى الجولالثلاثاء سبتمبر 28, 2021 10:49 pmمحمد السحرى
םבםב ﷺ صلوا عليه وسلموا تسليما ﷺ ✿الثلاثاء فبراير 23, 2021 8:42 pmسهرالليالي
البرجر...............اعرفى ازاى تعمليه ف البيتالإثنين ديسمبر 28, 2020 8:25 pmساره
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
2108 المساهمات
1238 المساهمات
1109 المساهمات
1042 المساهمات
906 المساهمات
880 المساهمات
868 المساهمات
839 المساهمات
778 المساهمات
638 المساهمات
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 4 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 4 زائر

لا أحد

مُعاينة اللائحة بأكملها


صفحات من السيرة العطرة

+7
ساره
سهرالليالي
فرح
زلعى
نور الحياه
ramy
محمد السحرى
11 مشترك
اذهب الى الأسفل
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty صفحات من السيرة العطرة

السبت فبراير 13, 2010 12:35 am
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله الرحمن الرحيم
صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 000P05364c3
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد
احبابى واصدقائى اعضاء منتدى سهر اقدم لكم اليوم موضوع من اعظم الموضيع وهو عن السيرة العطرة للرسول الكريم
صلى الله عليه وسلم اول انا اعرف اننى اقل واصغر من اتكلم عن سيرتة عليه الصلاة والسلام لاكن اكتب هذا الموضوع
وارجو من الله ان يتقبله منى ويجعله فى ميزان حسناتى وانا لن اكتب عن سيرته عليه الصلاة والسلام بشكل مفصل لاكن
سيكون صفحات فقط فسيرته اعظم واجل من ان يكتب فيه مذنب وظالم لنفسه مثلى فبسم الله ابدا
الميلاد المبارك
ولد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين الثانى عشر من ربيع ألاول عام 571 م وهو العام الذى سمى عام الفيل فأضأء ميلاده قصور الشام .فكان ميلاد للبشرية من جديد رسم ميلاده البسمة على الافئده الحائرة والشفاه الظمأى جاء بالفجر الذى بدد ليل الشرك وهو صلى الله عليه وسلم يقول عن ميلاده ( نعم انا دعوة ابى ابراهيم وبشرى عيسى ورأت امى حين
حملت بى انه خرج نور منها أضاء لها قصور الشام )
الاعداد للرساله شق الصدر
بينما هو صلى الله عليه وسلم يمرح ويلعب فى باديه بنى سعد اتاه جبريل عليه السلم فأمسك به ثم طرحه على ألارض
فشق صدره ثم أخرجقلبه فاستخرج من قلبه علقة (قطعة دم )فقال جبيريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم هذا نصيب الشيطان منك ثم غسل قلبه فى طست من ذهب بماء زمزم ثم وضع جبريل عليه السلم القلب الشريف فى مكانه
وضم الصدر الشريف مرة ثانيه 0 يقول انس رضى الله عنه كنت أرى اثر المخيط فى صدره صلى الله عليه وسلم
عصمة الله له قبل البعث
قال صلى الله عليه وسلم ذات يوم لفتى من قريش احرس غنمى حتى اسمر هذه الليلة بمكه كما يسمر الفتيان قال الفتى سافعل وانطلق عليه الصلاة والسلام مسرعا الى مكه فرحا فسمع فيها غناء وضرب دف ومزاميرفاخذا يلهو بذلك
الصوت فغلبته عيناه فنام الى جوار منزل حتى الصباح ولم يوقظه الا حر مكه ومت ليالى وذات ليله استاذن الرسول
من صديقه ليسمر بمكه فحذث له مثل المرة الاولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما هممت بعدها بسؤء مما يعمل اهل الجاهلية حتى اكرمنى الله بنبوته
والى القاء فى صفحات جديده من السيرة العطرة

emy
emy
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 47426732hu6
انثى
عدد الرسائل : 880
تاريخ الميلاد : 21/10/1986
العمر : 37
العمل/الترفيه : \'طالبه جامعيه
المزاج : روشه
تقييم : 34
تاريخ التسجيل : 25/11/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الأحد فبراير 21, 2010 6:04 pm
اللهم صلي علي سيدنا محمد
الله يبارك في عمرك
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الأحد فبراير 21, 2010 10:35 pm
نور ايمى جزاكم الله خير على المرور والدعاء ونفعنا الله بسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الأحد فبراير 21, 2010 10:39 pm
طريق الهجرة

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فلما خرج بهما دليلهما عبدالله بن أرقط ،
سلك بهما أسفل مكة ، ثم مضى بهما على الساحل ، حتى عارض الطريق أسفل من
عسفان ، ثم سلك بهما على أسفل أمج ، ثم استجاز بهما ، حتى عارض بهما الطريق
، بعد أن أجاز قديدا ، ثم أجاز بهما من مكانه ذلك ، فسلك بهما الخرار ، ثم
سلك بهما ثنية المرة ، ثم سلك بهما لقفا ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ لفتا ‏‏.‏‏ قال
معقل بن خويلد الهذلي ‏‏:‏‏

نزيعا محلبا من أهل لفت * لحي بين أثلة والنحام

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم أجاز بهم مدلجة لِقْف ثم
استبطن بهما مدلجة محاج - ويقال ‏‏:‏‏ مجاج ، فيما قال ابن هشام - ثم سلك
بهما مرجح محاج ، ثم تبطن بهما مرجح من ذي العضوين - قال ابن هشام ‏‏:‏‏
ويقال ‏‏:‏‏ العَضَوين - ثم بطن ذي كشر ، ثم أخذ بهما على الجداجد ، ثم على
‏الأجرد ، ثم سلك بهما ذا سلم ، من بطن أعداء مدلجة تعهن ، ثم على
العبابيد ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ العبابيب ؛ ويقال
‏‏:‏‏ العثيانة ‏‏.‏‏ يريد ‏‏:‏‏ العبابيب ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم أجاز الفاجَّة ؛ ويقال
‏‏:‏‏ القاحة ، فيما قال ابن هشام ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ثم هبط بهما العرج ، وقد أبطأ
عليهما بعض ظهرهم ، فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أسلم ، يقال
له ‏‏:‏‏ أوس بن حجر ، على جمل له - يقال له ‏‏:‏‏ ابن الرداء - إلى
المدينة ، وبعث معه غلاما له ، يقال له ‏‏:‏‏ مسعود بن هنيدة ، ثم خرج بهما
دليلهما من العرج ، فسلك بهما ثنية العائر ، عن يمين ركوبة - ويقال ‏‏:‏‏
ثنية الغائر ، فيما قال ابن هشام - حتى هبط بهما بطن رئم ، ثم قدم بهما
قباء ، على بني عمرو بن عوف ، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول يوم
الاثنين ، حين اشتد الضَّحاء ، وكادت الشمس تعتدل ‏‏.‏‏
قدومه صلى الله عليه وسلم قباء
ال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني
محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن عبدالرحمن بن عويمر بن
ساعدة ، قال ‏‏:‏‏ حدثني رجال من قومي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، قالوا ‏‏:‏‏ لما سمعنا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ،
وتوكفنا قدومه ، كنا ‏نخرج إذا صلينا الصبح ، إلى ظاهر حرتنا ننتظر رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فوالله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال
فإذا لم نجد ظلا دخلنا ، وذلك في أيام حارة ‏‏.‏‏ حتى إذا كان اليوم الذي
قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جلسنا كما كنا نجلس ، حتى إذا لم
يبق ظل دخلنا بيوتنا ، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلنا البيوت
، فكان أول من رآه رجل من اليهود ، و قد رأى ما كنا نصنع ، وأنَّا ننتظر
قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ، فصرخ بأعلى صوته ‏‏:‏‏ يا بني
قيلة ، هذا جدكم قد جاء ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فخرجنا إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، وهو في ظل نخلة ، ومعه أبو بكر رضي الله عنه في مثل سنه ،
وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك ، وركبه الناس
وما يعرفونه من أبي بكر ، حتى زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فقام أبو بكر فأظله بردائه ، فعرفناه عند ذلك ‏‏.‏‏
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الأحد فبراير 21, 2010 10:58 pm
النزول بقباء
وفي يوم الاثنين 8 ربيع
الأول سنة 14 من النبوة ـ وهي السنة الأولى من الهجرة ـ الموافق 23 سبتمبر
سنة 622م نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء‏.‏


قال عروة بن الزبير‏:‏ فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من
شهر ربيع الأول‏.‏ فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم
صامتًا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم
يحىى ـ وفي نسخة‏:‏ يجىء ـ أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله صلى
الله عليه وسلم عند ذلك‏.‏

وكانت المدينة كلها قد زحفت للاستقبال، وكان يومًا
مشهودًا لم تشهد المدينة مثله في تاريخها، وقد رأي اليهود صدق بشارة
حَبْقُوق النبي‏:‏ إن الله جاء من التيمان، والقدوس من جبال فاران‏.‏

ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء على
كلثوم بن الهدم، وقيل‏:‏ بل على سعد بن خَيْثَمَة، والأول أثبت‏.‏

ومكث على بن أبي طالب رضي الله عنه بمكة ثلاثًا
حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، ثم
هاجر ماشيًا على قدميه حتى لحقهما بقباء، ونزل على كلثوم بن الهَدْم‏.‏

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء أربعة
أيام‏:‏ الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس‏.‏ وأسس مسجد قباء وصلى فيه،
وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة، فلما كان اليوم الخامس ـ يوم
الجمعة ـ ركب بأمر الله له، وأبو بكر ردفه، وأرسل إلى بني النجار ـ أخواله ـ
فجاءوا متقلدين سيوفهم، فسار نحو المدينة وهم حوله، وأدركته الجمعة في بني
سالم بن عوف، فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادى، وكانوا مائة رجل‏.‏
الدخول في المدينة ثم سار النبي صلى الله عليه
وسلم بعد الجمعة حتى دخل المدينة ـ ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة
الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعبر عنها بالمدينة مختصرًا ـ وكان يومًا
مشهودًا أغر، فقد ارتجت البيوت والسكك بأصوات الحمد والتسبيح،

والأنصار وإن لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة إلا أن كل واحد منهم
كان يتمنى أن ينزل الرسول صلى الله عليه وسلم عليه، فكان لا يمر بدار من
دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته‏:‏ هلم إلى العدد والعدة والسلاح
والمنعة، فكان يقول لهم‏:‏ ‏(‏خلوا سبيلها فإنها مأمورة‏)‏، فلم تزل سائرة
به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوى اليوم فبركت، ولم ينزل عنها حتى نهضت
وسارت قليلًا، ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها، وذلك في
بني النجار ـ أخواله صلى الله عليه وسلم ـ وكان من توفيق الله لها، فإنه
أحب أن ينزل على أخواله، يكرمهم بذلك، فجعل الناس يكلمون رسول الله صلى
الله عليه وسلم في النزول عليهم، وبادر أبو أيوب الأنصارى إلى رحـله،
فأدخله بيته،فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏المرء مع
رحله‏)‏، وجـاء أسعد بن زرارة فأخـذ بزمام راحلته، فكانت عنــده‏.‏

وفي رواية أنس عند البخاري، قال نبى الله صلى الله
عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أي بيوت أهلنا أقرب‏؟‏‏)‏ فقال أبو أيوب‏:‏ أنا يا رسول
الله، هذه دارى، وهذا بأبي‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فانطلق فهيئ لنا مقيلًا‏)‏، قال‏:‏
قوما على بركة الله‏.‏

وبعد أيام وصلت إليه زوجته سَوْدَة، وبنتاه فاطمة
وأم كلثوم، وأسامة بن زيد، وأم أيمن، وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال
أبي بكر، ومنهم عائشة، وبقيت زينب عند أبي العاص، لم يمكنها من الخروج حتى
هاجرت بعد بدر‏.‏

قالت عائشة‏:‏ وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله،
فكان بُطْحَان يجرى نَجْلًا، أي ماءً آجِنًا‏.‏

وقالت‏:‏ لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة وعك أبو بكر وبلال، فدخلت عليهما فقلت‏:‏ يا أبه كيف تجدك‏؟‏ ويا
بلال كيف تجدك‏؟‏ قالت‏:‏ فكان أبو بكر إذا أخذته الحُمَّى يقول‏:‏

كل امرئ مُصَبَّحٌ في أهله ** والموت أدنى من
شِرَاك نَعْلِه

وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته ويقول‏:‏

ألا ليت شِعْرِى هل أبيتَنَّ ليلة ** بـوَادٍ
وحـولى إذْخِرٌ وجَلِيـــلُ

وهل أردْن يومــًا ميـاه مِجَنَّة ** وهل
يَبْدُوَنْ لى شامة وطَفِيلُ

قالت عائشة‏:‏ فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فأخبرته، فقال‏:‏ ‏(‏اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن
خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء‏)‏‏.‏ ثم قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها، وبارك
في صاعها ومدها، وانقل حماها فاجعلها بالجُحْفَة‏)‏‏.‏

وقد استجاب الله دعاءه صلى الله عليه وسلم، فأرى
في المنام أن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى نزلت
بالمَهْيَعَة، وهي الجحفة‏.‏ وكان ذلك عبارة عن نقل وباء المدينة إلى
الجحفة، وبذلك استراح المهاجرون عما كانوا يعانونه من شدة مناخ المدينة‏.‏
إلى هنا انتهي بيان قسم من حياته صلى الله عليه
وسلم بعد النبوة،
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الخميس فبراير 25, 2010 8:30 pm
سكان المدينة وأحوالهم عند الهجرة
م يكن معنى الهجرة التخلص والفرار من الفتنة فحسب، بل كانت
الهجرة تعنى مع هذا تعاونًا على إقامة مجتمع جديد في بلد آمن، ولذلك أصبح
فرضًا على كل مسلم يقدر على الهجرة أن يهاجر ويسهم في بناء هذا الوطن
الجديد، ويبذل جهده في تحصينه ورفعة شأنه‏.‏

ولاشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو
الإمام والقائد والهادى في بناء هذا المجتمع، وكانت إليه أزمة الأمور بلا
نزاع‏.‏

والذين قابلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في
المدينة كانوا على ثلاثة أصناف، يختلف أحوال كل واحد منها بالنسبة إلى
الآخر اختلافًا واضحًا، وكان يواجه بالنسبة إلى كل صنف منها مسائل عديدة
غير المسائل التي كان يواجهها بالنسبة إلى الآخر‏.‏

وهذه الأصناف الثلاثة هي‏:‏

1 ـ أصحابه الصفوة الكرام البررة رضي الله عنهم‏.‏

2 ـ المشركون الذين لم يؤمنوا بعد، وهم من صميم
قبائل المدينة‏.‏

3 ـ اليهــود‏.‏

أ ـ والمسائل التي كان يواجهها بالنسبة إلى أصحابه
هو أن ظروف المدينة بالنسبة إليهم كانت تختلف تمامًا عن الظروف التي مروا
بها في مكة، فهم في مكة وإن كانت تجمعهم كلمة جامعة وكانوا يستهدفون هدفًا
واحدًا، إلا أنهم كانوا متفرقين في بيوتات شتى، مقهورين أذلاء مطرودين، لم
يكن لهم من الأمر شيء، وإنما كان الأمر بيد أعدائهم في الدين، فلم يكن
هؤلاء المسلمون يستطيعون أن ينشئوا مجتمعًا إسلاميًا جديدًا بمواده التي لا
يستغنى عنها أي مجتمع إنسإني في العالم؛ ولذلك نرى السور المكية تقتصر على
تفصيل المبادئ الإسلامية، وعلى التشريعات التي يمكن العمل بها لكل فرد
وحده، وعلى الترغيب في البر والخير ومكارم الأخلاق والترهيب عن الرذائل
والدنايا‏.‏

أما في المدينة فكان أمر المسلمين بأيديهم منذ أول
يوم، ولم يكن يسيطر عليهم أحد من الناس، وهذا يعنى أنهم قد آن لهم أن
يواجهوا مسائل الحضارة والعمران، والمعيشة والاقتصاد، والسياسة والحكومة،
والسلم والحرب، وأن تفصل لهم مسائل الحلال والحرام، والعبادة والأخلاق، وما
إلى ذلك من شئون الحياة‏.‏

أي آن للمسلمين أن يكونوا مجتمعًا إسلاميًا يختلف
في جميع مراحل الحياة عن المجتمع الجاهلي، ويمتاز عن أي مجتمع يوجد في
العالم الإنساني، ويكون ممثلًا للدعوة الإسلامية التي عانى لها المسلمون
ألوانًا من النكال والعذاب طيلة عشر سنوات‏.‏

ولا يخفي أن تكوين أي مجتمع على هذا النمط لا يمكن
أن يستتب في يوم واحد، أو شهر واحد، أو سنة واحدة، بل لابد له من زمن طويل
يتكامل فيه التشريع والتقنين والتربية والتثقيف والتدريب والتنفيذ شيئًا
فشيئًا، وكان الله كفيلًا بهذا التشريع، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قائمًا بتنفيذه والإرشاد إليه، وبتربية المسل)]{‏هُوَ
الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ
آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ‏}[/url]‏
‏[‏الجمعة‏:‏ 2]‏‏.‏

وكان الصحابة رضي الله عنهم مقبلين عليه
بقلوبهم،يتحلون بأحكامه،ويستبشرون بها ‏)]{‏وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ
آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا‏}[/url]‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 2]‏‏.‏ وليس
تفصيل هذه المسائل كلها من مباحث موضوعنا، فنقتصر منها على قدر الحاجة‏.‏

وكان هذا أعظم ما واجهه رسول الله صلى الله عليه
وسلم بالنسبة للمسلمين، وهو الهدف الأسمى والمطلب النبيل المقصود من الدعوة
الإسلامية والرسالة المحمدية، ومعلوم أنه ليس بقضية طارئة تطلب الاستعجال،
بل هي قضية أصيلة تحتاج إلى آجال‏.‏ نعم، كانت هناك قضايا طارئة تطلب الحل
العاجل والحكيم، أهمها أن المسلمين كانوا على قسمين‏:‏

قسم كانوا في أرضهم وديارهم وأموالهم، لا يهمهم
من ذلك إلا ما يهم الرجل وهو آمن في سِرْبِـه، وهم الأنصار، وكان بينهم
تنافر مستحكم وعداء مزمن منذ أمد بعيد‏.‏


وقسم آخر فاتهم كل ذلك، ونجوا بأنفسهم إلى المدينة، وهم
المهاجرون، فلم يكن لهم ملجأ يأوون إليه، ولا عمل يكسبون به ما يسد حاجتهم،
ولا مال يبلغون به قَوَامًا من العيش، وكان عدد هؤلاء اللاجئين غير قليل،
ثم كانوا يزيدون يومًا فيوما؛ إذ كان قد أوذن بالهجرة لكل من آمن بالله
ورسوله‏.‏ ومعلوم أن المدينة لم تكن على ثروة طائلة فتزعزع ميزانها
الاقتصادى، وفي هذه الساعة الحرجة قامت القوات المعادية للإسلام بشبه
مقاطعة اقتصادية، قَلَّت لأجلها المستوردات وتفاقمت الظروف‏.‏

ب ـ أما القوم الثاني ـ وهم المشركون من صميم
قبائل المدينة ـ فلم تكن لهم سيطرة على المسلمين، وكان منهم من يتخالجه
الشكوك ويتردد في ترك دين الآباء، ولكن لم يكن يبطن العداوة والكيد ضد
الإسلام والمسلمين، ولم تمض عليهم مدة طويلة حتى أسلموا وأخلصوا دينهم
لله‏.‏

وكان فيهم من يبطن شديد الإحن والعداوة ضد رسول
الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ولكن لم يكن يستطيع أن يناوئهم، بل كان
مضطرًا إلى إظهار الودّ والصفاء نظرًا إلى الظروف، وعلى رأس هؤلاء عبد
الله بن أبي، فقد كانت الأوس والخزرج اجتمعوا على سيادته بعد حرب بُعَاث ـ
ولم يكونوا اجتمعوا على سيادة أحد قبله ـ وكانوا قد نظموا له الخَرْز،
ليُتَوِّجُوه ويُمَلّكُوه، وكان على وشك أن يصير ملكًا على أهل المدينة إذ
بوغت بمجىء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصراف قومه عنه إليه، فكان يرى
أنه استلبه الملك، فكان يبطن شديد العداوة ضده، ولما رأي أن الظروف لا
تساعده على شركه، وأنه سوف يحرم بقايا العز والشرف وما يترتب عليهما من
منافع الحياة الدنيا أظهر الإسلام بعد بدر، ولكن بقى مستبطنًا الكفر، فكان
لا يجد مجالًا يكيد فيه برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمسلمين إلا
ويأتيه، وكان أصحابه ـ من الرؤساء الذين حرموا المناصب المرجوة في ملكه ـ
يساهمونه ويدعمونه في تنفيذ خططه، وربما كانوا يتخذون بعض الشباب وسذجة
المسلمين عميلًا لتنفيذ خطتهم من حيث لا يشعر‏.‏

جـ ـ أما القوم الثالث ـ وهم اليهود ـ فإنهم كانوا
قد انحازوا إلى الحجاز زمن الاضطهاد الأشورى والروماني كما أسلفنا، وكانوا
في الحقيقة عبرانيين، ولكن بعد الانسحاب إلى الحجاز اصطبغوا بالصبغة
العربية في الزى واللغة والحضارة، حتى صارت أسماؤهم وأسماء قبائلهم عربية،
وحتى قامت بينهم وبين العرب علاقة الزواج والصهر، إلا أنهم احتفظوا
بعصبيتهم الجنسية، ولم يندمجوا في العرب قطعًا، بل كانوا يفتخرون بجنسيتهم
الإسرائيلية ـ اليهودية ـ وكانوا يحتقرون العرب احتقارًا بالغًا وكانوا
يرون أن أموال العرب مباحة لهم، يأكلونها كيف شاءوا، قال تعالى‏:‏ ‏[/)]{‏وَمِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ
وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ
مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ
عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ‏}[/url]‏ ‏[‏آل عمران‏:‏
75‏]‏‏.‏ ولم يكونوا متحمسين في نشر دينهم، وإنما جل بضاعتهم الدينية هي‏:‏
الفأل والسحر والنفث والرقية وأمثالها، وبذلك كانوا يرون أنفسهم أصحاب علم
وفضل وقيادة روحانية‏.‏

وكانوا مَهَرَةً في فنون الكسب والمعيشة، فكانت في
أيديهم تجارة الحبوب والتمر والخمر والثياب، كانوا يستوردون الثياب
والحبوب والخمر، ويصدرون التمر، وكانت لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون،
فكانوا يأخذون المنافع من عامة العرب أضعافًا مضاعفة، ثم لم يكونوا
يقتصرون على ذلك، بل كانوا أكالين للربا، يعطون القروض الطائلة لشيوخ العرب
وساداتهم؛ ليكسبوا بها مدائح الشعراء والسمعة الحسنة بين الناس بعد
إنفاقها من غير جدوى ولا طائلة، وكانوا يرتهنون لها أرض هؤلاء الرؤساء
وزروعهم وحوائطهم، ثم لا يلبثون إلا أعوامًا حتى يتملكونها‏.‏

وكانوا أصحاب دسائس ومؤامرات وعتو وفساد؛ يلقون
العداوة والشحناء بين القبائل العربية المجاورة، ويغرون بعضها على بعض بكيد
خفي لم تكن تشعره تلك القبائل، فكانت تتطاحن في حروب، ولم تكد تنطفئ
نيرانها حتى تتحرك أنامل اليهود مرة أخرى لتؤججها من جديد‏.‏ فإذا تم لهم
ذلك جلسوا على حياد يرون نتائج هذا التحريض والإغراء، ويستلذون بما يحل
بهؤلاء المساكين ـ العرب ـ من التعاسة والبوار، ويزودونهم بقروض ثقيلة
ربوية حتى لا يحجموا عن الحرب لعسر النفقة‏.‏ وبهذا التدبير كانوا يحصلون
على فائدتين كبيرتين‏:‏ هما الاحتفاظ على كيانهم اليهودى، وإنفاق سوق
الربا؛ ليأكلوه أضعافًا مضاعفة، ويكسبوا ثروات طائلة‏.‏
وكانت في يثرب منهم ثلاث
قبائل مشهورة‏:‏
ـ بنو قَيْنُقَاع ‏:‏ وكانوا حلفاء الخزرج، وكانت ديارهم داخل
المدينة‏.‏

2ـ بنو النَّضِير‏:‏ وكانوا حلفاء الخزرج، وكانت
ديارهم بضواحى المدينة‏.‏

3ـ بنو قُرَيْظة‏:‏ وكانوا حلفاء الأوس، وكانت
ديارهم بضواحى المدينة‏.‏

وهذه القبائل هي التي كانت تثير الحروب بين الأوس
والخزرج منذ أمد بعيد، وقد ساهمت بأنفسها في حرب بُعَاث، كل مع حلفائها‏.‏

وطبعًا فإن اليهود لم يكن يرجى منهم أن ينظروا إلى
الإسلام إلا بعين البغض والحقد؛ فالرسول لم يكن من أبناء جنسهم حتى
يُسَكِّن جَأْشَ عصبيتهم الجنسية التي كانت مسيطرة على نفسياتهم وعقليتهم،
ودعوة الإسلام لم تكن إلا دعوة صالحة تؤلف بين أشتات القلوب، وتطفئ نار
العداوة والبغضاء، وتدعو إلى التزام الأمانة في كل الشئون، وإلى التقيد
بأكل الحلال من طيب الأموال، ومعنى كل ذلك أن قبائل يثرب العربية ستتآلف
فيما بينها، وحينئذ لابد من أن تفلت من براثن اليهود، فيفشل نشاطهم
التجارى، ويحرمون أموال الربا الذي كانت تدور عليه رحى ثروتهم، بل يحتمل أن
تتيقظ تلك القبائل، فتدخل في حسابها الأموال الربوية التي أخذتها اليهود،
وتقوم بإرجاع أرضها وحوائطها التي أضاعتها إلى اليهود في تأدية الربا‏.‏

كان اليهود يدخلون كل ذلك في حسابهم منذ عرفوا أن
دعوة الإسلام تحاول الاستقرار في يثرب؛ ولذلك كانوا يبطنون أشد العداوة ضد
الإسلام، وضد رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أن دخل يثرب، وإن كانوا لم
يتجاسروا على إظهارها إلا بعد حين‏.‏

ويظهر ذلك جليًا بما رواه ابن إسحاق عن أم
المؤمنين صفية رضي الله عنها قال ابن إسحاق‏:‏ حدثت عن صفية بنت حيي بن
أخطب أنها قالت‏:‏ كنت أحَبَّ ولد أبي إليه، وإلى عمي أبي ياسر، لم ألقهما
قط مع ولد لهما إلا أخذإني دونه‏.‏ قالت‏:‏ فلما قدم رسول الله صلى الله
عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف غدا عليه أبي؛ حيى بن
أخطب، وعمى أبو ياسر بن أخطب مُغَلِّسِين، قالت‏:‏ فلم يرجعا حتى كانا مع
غروب الشمس، قالت‏:‏ فأتيا كَالَّيْن كسلانين ساقطين يمشيان الهُوَيْنَى‏.‏
قالت‏:‏ فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما التفت إلىَّ واحد منهما، مع
ما بهما من الغم‏.‏ قالت‏:‏ وسمعت عمى أبا ياسر، وهو يقول لأبي حيي بن
أخطب‏:‏ أهو هو‏؟‏ قال‏:‏ نعم والله، قال‏:‏ أتعرفه وتثبته‏؟‏ قال‏:‏ نعم،
قال‏:‏ فما في نفسك منه‏؟‏ قال‏:‏ عداوته والله ما بقيت‏.‏

ويشهد بذلك أيضًا ما رواه البخاري في إسلام عبد
الله بن سَلاَم رضي الله عنه فقد كان حبرًا من فطاحل علماء اليهود، ولما
سمع بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في بني النجار جاءه
مستعجلًا، وألقى إليه أسئلة لا يعلمها إلا نبى، ولما سمع ردوده صلى الله
عليه وسلم عليها آمن به ساعته ومكانه، ثم قال له‏:‏ إن اليهود قوم بُهْتٌ،
إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بَهَتُونِى عندك، فأرسل رسول الله صلى الله
عليه وسلم فجاءت اليهود، ودخل عبد الله بن سلام البيت‏.‏ فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أي رجل فيكم عبد الله بن سلام‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏
أعلمنا وابن أعلمنا، وأخيرنا وابن أخيرنا ـ وفي لفظ‏:‏ سيدنا وابن سيدنا‏.‏
وفي لفظ آخر‏:‏ خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا ـ فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أفرأيتم إن أسلم عبد الله‏؟‏‏)‏ فقالوا‏:‏ أعاذه
الله من ذلك ‏(‏مرتين أو ثلاثا‏)‏، فخرج إليهم عبد الله فقال‏:‏ أشهد أن لا
إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، قالوا‏:‏ شرّنا وابن شرّنا،
ووقعوا فيه‏.‏ وفي لفظ‏:‏ فقال‏:‏ يا معشر اليهود، اتقوا الله، فوالله الذي
لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق‏.‏ فقالوا‏:‏
كذبت‏.‏

وهذه أول تجربة تلقاها رسول الله صلى الله عليه
وسلم من اليهود في أول يوم دخل فيه المدينة‏.‏

وهذه هي الظروف والقضايا الداخلية التي واجهها
الرسول صلى الله عليه وسلم حين نزل بالمدينة‏.‏

أما من ناحية الخارج فكان يحيط بها من يدين بدين
قريش، وكانت قريش ألـد عـدو للإسلام والمسلمين، جربت عليهم طوال عشرة أعوام
ـ حينما كان المسلمون تحت أيديها ـ كل أساليب الإرهاب والتهديد والمضايقة
والتعذيب، والمقاطعة والتجويع، وأذاقتهم التنكيلات والويلات، وشنت عليهم
حربًا نفسية مضنية مع دعاية واسعة منظمة، ولما هاجر المسلمون إلى المدينة
صادرت أرضهم وديارهم وأموالهم، وحالت بينهم وبين أزواجهم وذرياتهم، بل حبست
وعذبت من قدرت عليه، ولم تقتصر على هذا، بل تآمرت على الفتك بصاحب الدعوة
صلى الله عليه وسلم، والقضاء عليه وعلى دعوته، ولم تَأْلُ جهدًا في تنفيذ
هذه المؤامرة‏.‏ فكان من الطبيعى جدًا، حينما نجا المسلمون منها إلى أرض
تبعد نحو خمسمائة كيلو متر، أن تقوم بدورها السياسى والعسكرى، لما لها من
الصدارة الدنيوية والزعامة الدينية بين أوساط العرب بصفتها ساكنة الحرم
ومجاورة بيت الله وسدنته، وتغرى غيرها من مشركي الجزيرة ضد أهل المدينة،
وفعلًا قامت بذلك كله حتى صارت المدينة محفوفة بالأخطار، وفي شبه مقاطعة
شديدة قَلَّتْ لأجلها المستوردات، في حين كان عدد اللاجئين إليها يزيد
يومًا بعد يوم، وبذلك كانت ‏[‏حالة الحرب‏]‏ قائمة بين هؤلاء الطغاة من أهل
مكة ومن دان دينهم، وبين المسلمين في وطنهم الجديد‏.‏

وكان من حق المسلمين أن يصادروا أموال هؤلاء
الطغاة كما صودرت أموالهم، وأن يديلوا عليهم من التنكيلات بمثل ما أدالوا
بها، وأن يقيموا في سبيل حياتهم العراقيل كما أقاموها في سبيل حياة
المسلمين، وأن يكيلوا لهؤلاء الطغاة صاعًا بصاع حتى لا يجدوا سبيلًا لإبادة
المسلمين واستئصال خضرائهم‏.‏

وهذه هي القضايا والمشاكل الخارجية التي واجهها
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما ورد المدينة، وكان عليه أن يعالجها
بحكمة بالغة حتى يخرج منها مكللًا بالنجاح‏.‏

وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعالجة كل
القضايا أحسن قيام، بتوفيق من الله وتأييده، فعامل كل قوم بما كانوا
يستحقونه من الرأفة والرحمة أو الشدة والنكال،وذلك بجانب قيامه بتزكية
النفوس وتعليم الكتاب والحكمة، ولا شك أن جانب التزكية والتعليم والرأفة
والرحمة كان غالبًا على جانب الشدة والعنت ـ حتى عاد الأمر إلى الإسلام
وأهله في بضع سنوات، وسيجد القارئ كل ذلك جليًا في الصفحات الآتية‏.‏

محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الخميس فبراير 25, 2010 8:38 pm
بناء
المسجد النبوي

وأول خطوة خطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك هو بناء
المسجد النبوي، واختار له المكان الذي بركت فيه ناقته صلى الله عليه وسلم،
فاشتراه من غلامين يتيمين كانا يملكانه، وأسهم في بنائه بنفسه، فكان ينقل
اللبِن والحجارة ويقول‏:‏

‏(‏اللهم لا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخرة ** فاغْفِرْ
للأنصار والمُهَاجِرَة‏)‏

وكان يقول‏:‏

‏(‏هذا الحِمَالُ لا حِمَال خَيْبَر ** هــذا
أبـَــرُّ رَبَّنَا وأطْـهَر‏)‏

وكان ذلك مما يزيد نشاط الصحابة في العمل، حتى إن
أحدهم ليقول‏:‏

لئن قَعَــدْنا والنبي يَعْمَل ** لـذاك مِــنَّا
العَمَــلُ المُضَلَّل

وكانت في ذلك المكان قبور للمشركين، وكان فيه خرب
ونخل وشجرة من غَرْقَد، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين
فنبشت، وبالخَرِب فسويت، وبالنخل والشجرة فقطعت، وصفت في قبلة المسجد،
وكانت القبلة إلى بيت المقدس، وجعلت عضادتاه من حجارة، وأقيمت حيطانه من
اللبن والطين، وجعل سقفه من جريد النخل، وعُمُده الجذوع، وفرشت أرضه
بالرمال والحصباء، وجعلت له ثلاثة أبواب، وطوله مما يلى القبلة إلى مؤخره
مائة ذراع، والجانبان مثل ذلك أو دونه، وكان أساسه قريبًا من ثلاثة أذرع‏.‏

وبني بجانبه بيوتًا بالحجر واللبن، وسقفها بالجريد
والجذوع، وهي حجرات أزواجه صلى الله عليه وسلم، وبعد تكامل الحجرات انتقل
إليها من بيت أبي أيوب‏.‏

ولم يكن المسجد موضعًا لأداء الصلوات فحسب، بل كان
جامعة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام وتوجيهاته، ومنتدى تلتقى
وتتآلف فيه العناصر القبلية المختلفة التي طالما نافرت بينها النزعات
الجاهلية وحروبها، وقاعدة لإدارة جميع الشئون وبث الانطلاقات، وبرلمان لعقد
المجالس الاستشارية والتنفيذية‏.‏

وكان مع هذا كله دارًا يسكن فيها عدد كبير من
فقراء المهاجرين اللاجئين الذين لم يكن لهم هناك دار ولا مال ولا أهل ولا
بنون‏.‏

وفي أوائل الهجرة شرع الأذان، تلك النغمة العلوية
التي تدوى في الآفاق، وتهز أرجاء الوجود، تعلن كل يوم خمس مرات بأن لا إله
إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتنفي كل كبرياء في الكون وكل دين في
الوجود، إلا كبرياء الله، والدين الذي جاء به عبده محمد رسول الله‏.‏ وقد
تشرف برؤيته في المنام أحد الصحابة الأخيار عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي
الله عنه فأقره النبي صلى الله عليه وسلم وقد وافقت رؤياه رؤيا عمر بن
الخطاب رضي الله عنه فأقره النبي صلى الله عليه وسلم، والقصة بكاملها مروية
في كتب السنة والسيرة‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up
المؤاخاة بين المسلمين

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بجانب قيامه ببناء
المسجد‏:‏ مركز التجمع والتآلف، قام بعمل آخر من أروع ما يأثره التاريخ،
وهو عمل المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، قال ابن القيم‏:‏ ثم أخي رسول
الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك،
وكانوا تسعين رجلًا، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، أخي بينهم على
المواساة، ويتوارثون بعد الموت دون ذوى الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما
أنزل الله عز وجل‏:‏ ‏)]{‏وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ‏}[/url]‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 75‏]‏ رد التوارث
إلى الرحم دون عقد الأخوة‏.‏

وقد قيل‏:‏ إنه أخي بين المهاجرين بعضهم مع بعض
مؤاخاة ثانية‏.‏‏.‏‏.‏ والثبت الأول، والمهاجرون كانوا مستغنين بأخوة
الإسلام وأخوة الدار وقرابة النسب عن عقد مؤاخاة فيما بينهم، بخلاف
المهاجرين مع الأنصار‏.‏ اهـ‏.‏

ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات الجاهلية، وتسقط
فوارق النسب واللون والوطن، فلا يكون أساس الولاء والبراء إلا الإسلام‏.‏

وقد امتزجت عواطف الإيثار والمواساة والمؤانسة
وإسداء الخير في هذه الأخوة، وملأت المجتمع الجديد بأروع الأمثال‏.‏

روى البخاري‏:‏ أنهم لما قدموا المدينة أخي رسول
الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن وسعد ابن الربيع، فقال لعبد
الرحمن‏:‏ إني أكثر الأنصار مالًا، فاقسم مالى نصفين، ولى امرأتان، فانظر
أعجبهما إليك فسمها لي، أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، قال‏:‏ بارك
الله لك في أهلك ومالك، وأين سوقكم‏؟‏ فدلوه على سوق بني قينقاع، فما انقلب
إلا ومعه فضل من أقِطٍ وسَمْنٍ، ثم تابع الغدو، ثم جاء يومًا وبه أثر
صُفْرَة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏مَهْيَمْ‏؟‏‏)‏ قال‏:‏
تزوجت‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏كم سقت إليها‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ نواة من ذهب‏.‏

وروى عن أبي هريرة قال‏:‏ قالت الأنصار للنبى صلى
الله عليه وسلم‏:‏ اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏لا‏)‏،
فقالوا‏:‏ فتكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة‏.‏ قالوا‏:‏ سمعنا وأطعنا‏.‏

وهذا يدلنا على ما كان عليه الأنصار من الحفاوة
البالغة بإخوانهم المهاجرين، ومن التضحية والإيثار والود والصفاء، وما كان
عليه المهاجرون من تقدير هذا الكرم حق قدره، فلم يستغلوه ولم ينالوا منه
إلا بقدر ما يقيم أودهم‏.‏

وحقًا فقد كانت هذه المؤاخاة حكمةً فذةً، وسياسةً
حكيمةً، وحلًا رشيدًا لكثير من المشاكل التي كان يواجهها المسلمون، والتي
أشرنا إليها‏.‏

[size=16]ميثاق
التحالف الإسلامي

وكما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقد هذه المؤاخاة بين
المؤمنين، قام بعقد معاهدة أزاح بها ما كان بينهم من حزازات في الجاهلية،
وما كانوا عليه من نزعات قبلية جائرة، واستطاع بفضلها إيجاد وحدة إسلامية
شاملة‏.‏ وفيما يلى بنودها ملخصًا‏:‏

هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم بين
المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم‏:‏

1ـ إنهم أمة واحدة من دون الناس‏.‏

2ـ المهاجرون من قريش على رِبْعَتِهم يتعاقلون
بينهم، وهم يَفْدُون عَانِيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وكل قبيلة من
الأنصار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدى عانيها
بالمعروف والقسط بين المؤمنين‏.‏

3ـ وإن المؤمنين لا يتركون مُفْرَحًا بينهم أن
يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل‏.‏

4ـ وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو
ابتغى دَسِيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين‏.‏

5ـ وإن أيديهم عليه جميعًا، ولو كان ولد أحدهم‏.‏

6ـ ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر‏.‏

7ـ ولا ينصر كافرًا على مؤمن‏.‏

8 ـ وإن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم‏.‏

9ـ وإن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة،
غير مظلومين ولا متناصرين عليهم‏.‏

10ـ وإن سلم المؤمنين واحدة؛ لا يسالم مؤمن دون
مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم‏.‏

11 ـ وإن المؤمنين يبيء بعضهم على بعض بما نال
دماءهم في سبيل الله‏.‏

12 ـ وإنه لا يجير مشرك مالًا لقريش ولا نفسًا،
ولا يحول دونه على مؤمن‏.‏

13 ـ وإنه من اعتبط مؤمنًا قتلًا عن بينة فإنه قود
به إلا أن يرضى ولي المقتول‏.‏

14 ـ وإن المؤمنين عليه كافة، ولا يحل لهم إلا
قيام عليه‏.‏

15 ـ وإنه لا يحل لمؤمن أن ينصر محدثًا ولا يؤويه،
وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه
صَرْف ولا عَدْل‏.‏

16 ـ وإنكم مهما اختلفـتم فيه من شيء، فإن مرده
إلى الله ـ عز وجل ـ وإلى محمـد صلى الله عليه وسلم‏.‏
أثر
المعنويات في المجتمع

بهذه الحكمة وبهذا التدبير أرسى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قواعد مجتمع جديد، كانت صورته الظاهرة بيانا وآثارًا للمعاني التي كان
يتمتع بها أولئك الأمجاد بفضل صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي
صلى الله عليه وسلم يتعهدهم بالتعليم والتربية، وتزكية النفوس، والحث على
مكارم الأخلاق، ويؤدبهم بآداب الود والإخاء والمجد والشرف والعبادة
والطاعة‏.‏

سأله رجل‏:‏ أي الإسلام خير‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏تطعم
الطعام، وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف‏)‏‏.‏

قال عبد الله بن سلام‏:‏ لما قدم النبي صلى الله
عليه وسلم المدينة جئت، فلما تبينت وجهه، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان
أول ما قال‏:‏ ‏(‏يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا
الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام‏)‏

وكان يقول‏:‏ ‏(‏لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره
بوائقه‏)‏

ويقول‏:‏ ‏(‏المسلم من سلم المسلمون من لسانه
ويده‏)‏

ويقول‏:‏ ‏(‏لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب
لنفسه‏)‏

ويقول‏:‏ ‏(‏المؤمنون كرجل واحد، إن اشتكى عينه
اشتكى كله، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله‏)‏‏.‏

ويقول: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)
ويقول: (لا تباغضوا، ولا تحاسدون، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً،
ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام).
ويقول: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان
الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم
القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)
ويقول: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
ويقول: (ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جانبه).
ويقول: (سِباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر).
وكان يجعل إماطة الأذى عن الطريق صدقة، ويعدها شعبة من شعب الإيمان .
ويقول: (الصدقة تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار).
ويقول: (أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عُرى كساه الله من خُضر الجنة،
وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى
مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيم المختوم)
ويقول: (اتقوا الناء ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيبة).
وبجانب هذا كان يحث حثاً شديداً على الاستعفاف عن المسألة، ويذكر فضائل
الصبر والقناعة، فكان يعد المسألة كدوحاً أو خدوشاً أو خموشاً في وجه
السائل اللهم إلا إذا كان مضطراً.
كما كان يبين لهم ما في العبادات من الفضائل والأجر والثواب عند الله، وكان
يربطهم بالوحي النازل عليه من المساء ربطاً مؤثقاً، فكان يقرؤه عليهم
ويقرؤونه: لتكون هذه الدراسة إشعاراً بما عليهم من حقوق الدعوة وتبعات
الرسلة، فضلاً عن ضرورة الفهم والتدبر.
وهكذا هذب تفكيرهم، وربع معنوياتهم، وأيقظ مواهبهم، وزودهم بأعلى القيم
والأقدار، حتى وصولا إلى أعلى قمة من الكمال عرفت في تاريخ البشر بعد
الأنبياء.
يقول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: من كان مستنا فليستن بمن قد مات، فإن
الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا
أفضل هذه الأمة؛ وأبرها قلوباً، وأعمقها علما، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله
لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، وابتعوهم على أثرهم،
وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.
ثم إن هذا الرسول القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم كان يتمتع من الصفات
المعنوية والظاهرة، ومن الكمالات المواهب، والأمجاد والفضائل، ومكارم
الأخلاق ومحاسن الأعمال بما جعتله تهوى إليه الأفئدة، وتتفانى عليه النفوس،
فما يتكلم بكلمة إلا ويبادر صحابته رضي الله عنهم إلى امتثالها، وما يصدر
من إرشاد أو توجيه إلا ويتسابقون إلى العمل به.
بمثل هذا استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يبني في المدينة مجتمعاً
جديداً أروع وأشرف مجتمع عرفة التاريخ، وأن يضع لمشاكل هذا المجتمع حلاً
تنفست له الإنسانية الصعداء، بعد أن كانت قد تعبت في غياهب الزمان ودياجير
الظلمات.
وبمثل هذه المعنويات الشامخة تكاملت عناصر المجتمع الجديد الذي واجه كل
تيارات الزمان حتى صرف وجهتها، وحول مجرى التاريخ والأيام.

محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الخميس فبراير 25, 2010 9:25 pm
معاهدة مع اليهود

بعد أن أرسى رسول الله صلى الله وعليه وسلم قواعد مجتمع جديد
وأمة إسلامية حديدة، بإقامة الوحدة العقدية والسياسية والنظامية بين
المسلمين، بدأ بتنظيم علاقاته بغير المسلمين، وكان قصده بذلك توفير الأمن
والسلام والسعادة الخير للبشرية جمعاء، مع تنظيم المنطقة في وفاق واحد، فسن
في ذلك قوانين السماح والتجاوز التي لم تعهد في ذلك العالم الملئ بالتعصب
والأغراض الفردية والعرقية‏.‏

وأقرب من كان يجاور المدينة من غير المسلمين هم
اليهود - كما أسلفنا - وهم وإن كانوا يبطنون العداوة للمسلمين، لكن لم
يكونوا أظهروا أية مقاومة أو خصومة بعد، فعقد معهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم معاهدة قرر لهم فيها النصح والخير، وترك لهم فيها مطلق الحرية في
الدين والمال، ولم يتجه إلى سياسة الإبعاد أو المصادرة والخصام‏.‏

وفيما يلى أهم بنود هذه المعاهدة‏:‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up بنود المعاهدة


1- إن يهود بنى عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم
وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم، وكذلك لغير بنى عوف من اليهود‏.‏

2-وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم‏.‏

3- وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه
الصحيفة‏.‏

4- وإن بينهم النصح والنصحية، والبر دون الإثم‏.‏

5- وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه‏.‏

6- وإن النصر للمظلوم‏.‏

7- وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا
محاربين‏.‏

8-وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة‏.‏

9- وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو
اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل، وإلى محمد رسول الله صلى الله
عليه وسلم‏.‏

10- وإنه لا تجار قريش ولا من نصرها‏.‏

11- وإن بينهم النصر على من دَهَم يثرب‏.‏‏.‏ على
كل أناس حصتهم من جابنهم الذي قبلهم‏.‏

12- وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم‏.‏

وبإبرام هذه المعاهدة صارت المدينة وضواحيها دولة
وفاقية، عاصمتها المدينة، ورئيسها ـ إن صح هذا التعبير ـ رسول الله صلى
الله عليه وسلم، والكلمة النافذة والسلطان الغالب فيها للمسلمين‏.‏

ولتوسيع منطقة الأمن والسلام عاهد النبي صلى الله
عليه وسلم قبائل أخرى في المستقبل بمثل هذه المعاهدة، حسب ما اقتضته
الظروف، وسيأتي ذكر شيء عنها‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up الكفاح الدامي

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up استفزازات قريش واتصالهم
بعبد الله بن أبي


تقدم ما أدلى به كفار مكة من التنكيلات والويلات
على المسلمين في مكة، ثم ما أتوا به من الجرائم التي استحقوا لأجلها
المصادرة والقتال، عند الهجرة، ثم إنهم لم يفيقوا من غيهم ولا امتنعوا عن
عدوانهم بعدها، بل زادهم غيظاً أن فاتهم المسلمون ووجدوا مأمناً ومقراً
بالمدنية، فكتبوا إلى عبد الله بن أبي سلول- وكان إذ ذاك مشركاً - بصفته
رئيس الأنصار قبل الهجرة - فمعلوا أنهم كانوا قد اتفقوا عليه، وكادوا
يجعلونه ملكاً على أنفسهم لولا أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
إليهم، وآمنوا به - كتبوا إليه وإلى أصحابه المشركين، يقولون لهم في كلمات
باتة‏:‏

إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو
لتخرجنه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم‏.‏

وبمجرد بلوغ هذا الكتاب قام عبد الله بن أبي
ليمتثل أوامر إخوانه المشركين من أهل مكة - وقد كان يحقد على النبي صلى
الله عليه وسلم‏:‏ لما يراه أنه استبله ملكه- يقول عبد الرحمن بن كعب‏:‏
فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم
لقيهم، فقال‏:‏ ‏(‏لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر
ما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقالوا أبناءكم وإخوانكم‏)‏،
فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا‏.‏

امتنع عبد الله بن أبي بن سلول عن القتال إذ ذلك،
لما رأي خوراً أو رشداً في أصحابه، ولكن يبدو من تصرفاته أنه كان متواطئاً
مع قريش، فكان لا يجد فرصة إلا وينتهزها لإيقاع الشر بين المسلمين
والمشركين، وكان يضم معه اليهود، ليعينوه على ذلك، ولكن تلك هي حكمة النبي
صلى الله عليه وسلم التي كانت تطفئ نار شرهم حينا بعد حين‏.‏
الإذان بالقتال
ي هذه الظروف الخطيرة التي كانت تهدد كيان المسلمين بالمدينة،
وتنبئ عن قريش أنهم لا يفيقون عن غيهم ولا يمتنعون عن تمردهم بحال، أنزل
الله تعالى الإذن بالقتال للمسلمين ولم يفرضه عليهم، قال تعالى‏:‏ /j)]{‏أُذِنَ
لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى
نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ‏}[/url]‏ ‏[‏الحج‏:‏ 39‏]‏‏.‏

وأنزل معه آيات بين لهم فيها أن هذا الإذن إنما هو
لإزاحة الباطل وإقامة شعائر الله، قال تعالى‏:‏ ‏/j)]{‏الَّذِينَ إِن
مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الْأُمُورِ ‏}[/url]‏ ‏[‏الحج‏:‏ 41‏]‏‏.‏

وكان الإذن مقتصراً على قتال قريش، ثم تطور فيما
بعد مع تغير الظروف حتى وصل إلى مرحلة الوجوب، وجاوز قريشاً إلى غيرهم، ولا
بأس أن نذكر تلك المراحل بإيجاز قبل أن ندخل في ذكر الأحداث‏:‏

1- اعتبار مشركي قريش محاربين؛ لأنهم بدأوا
بالعدوان، فحق للمسلمين أن يقاتلوهم ويصادروا أموالهم دون غيرهم من بقية
مشركي العرب‏.‏

2- قتال كل من تمالأ من مشركي العرب مع قريش واتحد
معهم، وكذلك كل من تفرد بالاعتداء على المسلمين من غير قريش‏.‏

3- قتال من خان أو تحيز للمشركين من اليهود الذين
كان لهم عقد وميثاق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونبذ ميثاقهم إليهم
على سواء‏.‏

4- قتال من بادأ بعداوة المسلمين من أهل الكتاب،
كالنصارى، حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون‏.‏

5- الكف عمن دخل في الإسلام، مشركاً كان أو
يهودياً أو نصرانياً أو غير ذلك، فلا يتعرض لنفسه وماله إلا بحق الإسلام،
وحسابه على الله‏.‏

ولما نزل الإذن بالقتال رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن يبسط سيطرته على الطريق الرئيس الذي تسلكه قريش من مكة إلى
الشام في تجاراتهم، واختار لذلك خطتين‏:‏

الأولى‏:‏ عقد معاهدات الحلف أو عدم الاعتداء مع
القبائل التي كانت مجاورة لهذا الطريق، أو كانت تقطن ما بين هذا الطريق وما
بين المدينة، وقد عقد صلى الله عليه وسلم معاهدة مع جهينة قبل الأخذ في
النشاط العسكري، وكانت مساكنهم على ثلاث مراحل من المدينة، كما عقد معاهدات
أخرى أثناء دورياته العسكرية، وسيأتي ذكرها‏.‏
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الخميس فبراير 25, 2010 9:32 pm
الغزوات والسيرايا قبل بدر

1- سرية سيف البحر

في رمضان سنة 1 هـ، الموافق مارس سنة 623م، أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه السرية حمزة بن عبد المطلب، وبعثه في
ثلاثين رجلاً من المهاجرين يعترضون عيراً لقريش جاءت من الشام، وفيها أبو
جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، فلبغوا سيف البحر من ناحية العيص، فالتقوا
واصطفوا للقتال، فمشى مجدي بن عمرو الجني ـ وكان حليفاً للفريقين جميعاً ـ
بين هؤلاء وهؤلاء حتى جحز بينهم فلم يقتتلوا‏.‏

وكان لواء حمزة أول لواء عقده رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وكان أبيض، وحمله أبو مرثد كَناز بن حصين الغَنَوي‏.‏



2-سرية رابغ‏:‏

في شوال سنة 1 من الهجرة، الموافق أبريل سنة 632م،
بعث لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث بن المطلب في ستين
رجلاً من المهاجرين، فلقى أبا سفيان - وهو في مائتين - على بطن رابغ، وقد
ترامي الفريقان بالنبل، ولم يقع قتال‏.‏

وفي هذه السرية انضم رجلان من جيش مكة إلى
المسلمين، وهما المقداد بن عمرو البهراني، وعتبه بن غزوان المارني، وكانا
مسلمين خرجا مع الكفار ليكون ذلك وسيلة للوصول إلى المسلمين، وكان لواء
عبيدة أبيض، وحامله مسطح بن أثاثة بن المطلب بن عبد مناف‏.‏



3- سرية الخرار

في ذي العقدة سنة 1 هـ، الموافق مايو سنة 623م،
بعث لها رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص في عشرين رجلا
يعترضون عيراً لقريش، وعهد إليه إلا يجاوز الخرار، فخرجوا مشاة يكمنون
بالنهار، ويسيرون بالليل، حتى بلغوا الخرار صبيحة خمس، فوجدوا العير قد مرت
بالأمس‏.‏

كان لواء سعد رضى الله عنه أبيض، وحمله المقداد بن
عمرو‏.‏



4-غزة الأبواء أو ودان‏:‏

في صفر سنة 2 هـ، الموافق أغسطس سنة 623م، خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بنفسه في سبعين رجلاً من المهاجرين خاصة
يعترض عيراً لقريش، حتى بلغ ودان، فلم يلق كيداً، واستخلف فيها على
المدينة سعد بن عبادة رضى الله عنه‏.‏

وفي هذه الغزوة عقد معاهدة حلف مع عمرو بن مخشى
الضمري، وكان سيد بنى ضمرة في زمانه، وهذا نص المعاهدة‏:‏ ‏(‏هذا كتاب من
محمد رسول الله لبني ضمره، فإنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم، وإن لهم النصر
على من رامهم إلا أن يحاربوا دين الله ن ما بل بحر صوفة وأن النبي إذا
دعاهم لنصره أجابوه‏)‏‏.‏

وهذه أول غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة، وكان اللواء أبيض وحامله حمزة بن عبد
المطلب‏.‏



5- غزوة بواط‏:‏

في شهر ربيع الأول سنة 2 هـ الموافق سبتمبر سنة
623م، خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائتين من أصحابه، يعترض
عيراً لقريش فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل من قريش، وألفان وخمسمئة
بعير، فبلغ بواطا من ناحية رضوى ولم يلق كيدا‏.‏

واستخلف في هذه الغزوة على المدينة سعد بن معاذ،
واللواء كان أبيض، وحامله سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه‏.‏



6-غزوة سفوان

في شهر ربيع الول سنة 2 هـ، الموافق سبتمبر سنة
623م، أغار كرز بن جابر الفهري في قوات خفيفة من المشركين على مراعي
المدينة، ونهب بعض المواشي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين
رجلاً من أصحابه لمطارته، حتى بلغ وادياً يقال له‏:‏ سفوان من ناحية بدر،
ولكنه لم يدرك كرزاً وأصحابه، فرجع من دون حرب، وهذه الغزوة تسمى بغزوة بدر
الأولى‏.‏

واستخلف في هذه الغزوة على المدينة زيد بن حارثة،
وكان اللواء أبيض، وحامله علي بن أبي طالب‏.‏



7- غزوة ذي العشيرة‏:‏

في جمادى الأولى، وجمادى الآخرة سنة 2 هـ، الموافق
نوفمبر وديسمبر سنة 623هـ، خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في
خمسين ومائة ويقال‏:‏ في مائتين، من المهاجرين، ولم يكره أحداً على الخروج،
وخرجوا على ثلاثين بعيراً يعتقبونها، يعترضون عيراً لقريش، ذاهبة إلى
الشام، وقد جاء الخبر بفصولها من مكة، فيها أموال لقريش فبلغ ذا العشيرة،
فوجد العير قد فاتته بأيام، وهذه هي العير التي خرج في طلبها حين رجعت من
الشام، فصارت سبباً لغزوة بدر الكبرى‏.‏

وكان خروجه صلى الله عليه وسلم في أواخر جمادى
الأولى، ورجوعه في أوائل جمادى الآخرة، على ما قاله ابن إسحاق، ولعل هذه هو
سبب اختلاف أهل السير في تعيين شهر هذه الغزوة‏.‏

وفي هذه الغزوة عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم
معاهدة عدم اعتداء مع بنى مدلج وحلفائهم من بنى ضمرة‏.‏

واستخلف على المدينة في هذه الغزوة أبا سلمة بن
عبد الأسد المخزومي، وكان اللواء أبيض، وحامله حمزة بن عبد الملطب رضي الله
عنه‏.‏



8- سرية نخلة‏:‏

في رجب سنة 2 هـ، الموافق يناير سنة 624م، بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب له كتاباً، وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير
يومين، ثم ينظر فيه‏.‏ فسار عبد الله ثم قرأ الكتاب بعد يومين، فإذا فيه‏:‏
‏(‏إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكلة والطائف، فترصد بها
عير قريش وتعلم لنا من أخبارهم‏)‏‏.‏ فقال‏:‏ سمعاً وطاعة، وأخبر أصحابه
بذلك، وأنه لا يستكرههم، فمن أحب الشهادة فلينهض، ومن كره الموت فليرجع،
وأما أنا فناهض، فنهضوا كلهم، غير أنه لما كان في أثناء الطريق أضل سعد بن
أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه، فتخلفا في طلبه‏.‏

وسار عبد الله بن جحش حتى نزل بنخلة، فمرت عير
لقريش تحمل زبيباً وأدماً وتجارة، وفيها عمرو بن الخضرمي، وعثمان ونوفل
ابنا عبد الله بن المغيرة، والحكم ابن كيسان مولى بني المغيرة‏.‏ فتشاور
المسلمون وقالوا‏:‏ نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قاتلناهم
انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم، ثم اجتمعوا على
اللقاء، فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان والحكم وأفلت
نوفل، ثم قدموا بالعير والأسيرين إلى المدينة، وقد عزلوا من ذلك الخمس، وهو
أو خمس كان في الإسلام، وأول قتيل في الإسلام، وأول أسيرين في الإسلام‏.‏

وأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلوه،
وقال‏:‏ ‏(‏ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام‏)‏ وتوقف عن التصرف في العير
والأسيرين‏.‏

ووجد المشركون فيما حدث فرصة لاتهام المسلمين
بأنهم قد أحلوا ما حرم الله، وكثر في ذلك القيل والقال، حتى نزل الوحي
حاسماً هذه الأقاويل وأن ما عليه المشروكون أكبر وأعظم مما ارتكبه
المسلمون‏:‏ ‏[)]{‏يَسْأَلُونَكَ
عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ
وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ
مِنَ الْقَتْلِ‏}[/url]‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 217‏]‏‏.‏

فقد صرح هذا الوحي بأن الضجة التي افتعلها
المشركون لإثارة الريبة في سيرة المقاتلين المسلمين لا مساغ لها، فإن
الحرمات المقدسة قد انتهكت كلها في محاربة الإسلام، واضطهاد أهله، ألم يكن
المسلمون مقيمين بالبلد الحرام حين تقرر سلب أموالهم وقتل نبيهم‏؟‏ فما
الذي أعاد لهذه الحرمات قداستها فجأة، فأصبح انتهاكها معرة وشناعة‏؟‏ لا
جرم أن الدعاية التي أخذ ينشرها المشركون دعاية تبتني على وقاحة ودعارة‏.‏

وبعد ذلك أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سراح
الأسيرين، ‏,‏أدى دية المقتول إلى أوليائه‏.‏

تلكم السرايا والغزوات قبل بدر، لم يجر في احد
منها سلب الأموال وقتل الرجال إلا بعد ما ارتكبه المشركون في قيادة كرز بن
جابر الفهري، فالبداية إنما هي من المشركين مع ما كانوا قد أتوه قبل ذلك من
الأفاعيل‏.‏

وبعد وقوع ما وقع في سرية عبد الله بن جحش تحقق
خوف المشركين وتجسد أمامهم الخطر الحقيقي، ووقعوا فيما كانوا يخشون الوقوع
فيه، وعلموا أن المدينة في غاية من التيقظ والتربص، تترقب كل حركة من
حركاتهم التجارية، وأن المسلمين يستطيعون أن يزحفوا إلى ثلاثمائة ميل
تقريباً، ثم يقلتوا ويأسروا رجالهم، ويأخذوا أموالهم، ويرجعوا سالمين
غانمين، وشعر هؤلاء المشركون بأن تجارتهم إلى الشام أمام خطر دائم، لكنهم
بدل أن يفيقوا عن غيهم، ويأخذوا طريق الصلاح والموادعة - كما فعلت جهينة
وبنو ضمرة ازدادوا حقداً وعيظاً، وصمم صناديدهم وكبراؤهم على ما كانوا
يوعدون ويهددون به من قبل‏:‏ من إبادة المسلمين في عقر دارهم، وهذا هو
الطيش الذي جاء بهم إلى بدر‏.‏

أما المسلمون فقد فرض الله عليهم القتال بعد وقعة
سرية عبد الله بن جحش في شهر شعبان سنة 2 هـ، وأنزل في ذلك آيات بينات‏:‏ ‏)]{‏وَقَاتِلُواْ
فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ
اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ
وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ
الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى
يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء
الْكَافِرِينَ فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ
فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ‏}[/url]‏
‏[‏البقرة‏:‏190‏:‏ 193‏]‏‏.‏

ثم لم يلبث أن أنزل الله تعالى عليهم آيات من نوع
آخر، يعلمهم فيها طريقة القتال، ويحثهم عليه، ويبين لهم بعض أحكامه‏:‏ ‏[/)]{‏فَإِذا
لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا
أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا
فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ
لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ
قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ
وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ
أَقْدَامَكُمْ ‏}[/url]‏ ‏[‏محمد‏:‏ 4‏:‏ 7‏]‏‏.‏

ثم ذم الله الذين طفقت أفئدتهم ترجف وتخفق حين
سمعوا الأمر بالقتال‏:‏ ‏0)]{‏فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ
مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم
مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ
الْمَوْتِ‏}[/url]‏ ‏[‏محمد‏:‏ 20‏]‏‏.‏

وإيجاب القتال والحض عليه، والأمر بالاستعداد له
هو عين ما كانت تقتضيه الأحوال، ولو كان هناك قائد يسبر أغوار الظروف لأمر
جنده بالاستعداد لجميع الطورائ، فكيف بالرب العليم المتعال، فالظروف كانت
تقتضى عراكاً دامياً بين الحق والباطل، وكانت وقعة سرية عبد الله بن جحش
ضربة قاسية على غيرة المشركين وحميتهم، آلمتهم وتركتهم يتقلبون على مثل
الجمر‏.‏

وآيات الأمر بالقتال تدل بفحواها على قرب العراك
الدامي، وأن النصر والغلبة فيه للمسلمين نهائيا، انظر كيف يأمر الله
المسلمين بإخراج المشركين من حيث أخرجوهم، وكيف يعلمهم أحكام الجند المتغلب
في الأساري والإثخان في الأرض حتى تضع الحرب أوزارها، هذه كلها إشارة إلى
غلبة المسلمين نهائياً‏.‏ ولكن ترك كل ذلك مستوراً حتى يأتي كل رجل بما فيه
من التحمس في سبيل الله‏.‏

وفي هذه الأيام - في شعبان سنة 2 هـ / فبراير 624م
- أمر الله تعالى بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، وأفاد
ذلك أن الضعفاء والمنافقين من اليهود الذين كانوا قد خلوا صفوف المسلمين
لإثارة البلبلة، انكشفوا عن المسلمين ورجعوا إلى ما كانوا عليه، وهكذا
تطهرت صفوف المسلمين عن كثير من أهل الغدر والخيانة‏.‏

ولعل في تحويل القبلة إشارة لطيفة إلى بداية دور
جديد لا ينتهي إلى بعد احتلال المسلمين هذه القبلة، أو ليس من العجب أن
تكون قبلة قوم بيد أعدائهم، وإن كانت بأيديهم فعلا فلابد من تخليصها يوما
ما إن كانوا على الحق‏.‏

وبهده الأوامر والإشارات زاد نشاط المسلمين، واشتد
شوقهم إلى الجهاد في سبيل الله، ولقاء العدو في معركة فاصلة لإعلاء كلمة
الله‏.‏
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الخميس فبراير 25, 2010 9:40 pm
غزوة بدر الكبرى أول معركة من معارك الإسلام الفاصلة
سبب
الغزوة


سبق في ذكر غرزة العشيرة أن عيراً لقريش أفلتت من
النبي صلى الله عليه وسلم في ذهابها من مكة إلى الشام، فلما قرب رجوعها من
الشام إلى مكة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله وسعيد
بن زيد إلى الشمال ليقوما باكتشاف خبرها، فوصلا إلى الحوراء ومكثا حتى مر
بهما أبو سفيان بالعير، فأسرعا إلى المدينة وأخبرا رسول الله صلى الله عليه
وسلم الخبر‏.‏

وكانت العير تحمل ثروات طائلة لكبار أهل مكة
ورؤسائها‏:‏ ألف بعير موقرة بأموال لا تقل عن خمسين ألف دينار ذهبي‏.‏ ولم
يكن معها من الحرب إلا نحو أربعين رجلا‏.‏

إنها فرصة ذهبية للمسلمين ليصيبوا أهل مكة بضربة
اقتصادية قاصمة، تتألم لها قلوبهم على مر العصور، لذلك أعلن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قائلاً‏:‏ ‏(‏هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل
الله ينفلكموها‏)‏‏.‏

ولم يعزم على أحد بالخروج، بل ترك الأمر للرغبة
المطلقة، لما أنه لم يكن يتوقع عند هذا الانتداب أنه سيصطدم بجيش مكة - بدل
العير- هذا الاصطدام العنيف في بدر؛ ولذلك تخلف كثير من الصحابة في
المدينة، وهم يحسبون أن مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الوجه لن
يعدو ما ألفوه في السرايا والغزوات الماضية؛ ولذلك لم ينكر على أحد تخلفه
في هذه الغروة‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up مبلغ قوة الجيش
الإسلامي وتوزيع القيادات


واستعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج ومعه
ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ـ 313، أو 314، أو 317 رجلاً ـ 82 أو 83 أو 86 من
المهاجرين و 61 من الأوس و 170 من الخرزج‏.‏ ولم يحتفلوا لهذا الخروج
احتفالا بليغا، ولا اتخذوا أهبتهم كاملة، فلم يكن معهم إلا فرس أو فرسان‏:‏
فرس للزبير بن العوام، وفرس للمقداد بن الأسود الكندي، وكان معهم سبعون
بعيرا يعتقب الرجلان والثلاثة على بعير واحد، وكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم وعلي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيراً واحد‏.‏

واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم،
فلما كان بالروحاء رد أبا لبابة ابن عبد المنذر، واستعمله على المدينة‏.‏

ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي
العبدري، وكان هذا اللواء أبيض‏.‏

وقسم جيشه إلى كتيبتين‏:‏

1- كتيبة المهاجرين‏:‏ وأعطى رايتها علي بن أبي
طالب، ويقال لها‏:‏ العقاب‏.‏

2- وكتبية الأنصار‏:‏ وأعطى رايتها سعد بن معاذ‏.‏
ـ وكانت الرايتان سوداوين ـ‏.‏

وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام، وعلى
الميسرة المقداد بن عمرو- وكانا هما الفارسين الوحيدين في الجيش - كما سبق -
وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة، وظلت القيادة العامة في يده صلى الله
عليه وسلم كقائد أعلى للجيش‏.‏

وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الجيش
غير المتأهب، فخرج من نقب المدينة، ومضى على الطريق الرئيسي المؤدي إلى
مكة، حتى بلغ بئر الروحاء، فلما ارتحل منها ترك طريق مكة إلى اليسار،
وانحرف ذات اليمين على النازية يريد بدراً فسلك في ناحية منه حتى جزع ودياً
يقال له‏:‏ رحقان بين النازية وبين مضيق الصفراء، ثم مر على المضيق ثم
انصب منه حتى قرب من الصفراء، ومن هنالك بعث بسبس بن عمرو الجني وعدي بن
أبي الزغباء الجهي إلى بدر يتجسسان له أخبار العير‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up النذير في مكة


وأما خبر العير فإن أبا سفيان - وهو المسئول عنها -
كان على غاية من الحيطة والحذر، فقد كان يعلم أن طريق مكة محفوف بالأخطار،
وكان يتحسس الأخبار ويسأل من لقى من الركبان، ولم يلبث أن نقلت إليه
استخباراته بأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد استنفر أصحابه ليوقع بالعير،
وحينئذ استأجر أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة مستصرخاً لقريش
بالنفير إلى عيرهم؛ ليمنعوه من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وخرج ضمضم
سريعاً حتى أتى مكة، فخرخ ببطن الوادي واقفاً على بعيره، وقد جدع أنفه
وحول رحله، وشقق قميصه، وهو يقول‏:‏ يا معشر قريش، اللطيمة، اللطيمة
أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها،
الغوث‏.‏‏.‏‏.‏ الغوث‏.‏
أهل مكة يتجهزون للغزو

فتحفز الناس سراعًا وقالوا‏:‏ أيظن محمد وأصحابه
أن تكون كعير ابن الحضرمي‏؟‏ كلا والله ليعلمن غير ذلك، فكانوا بين
رجلين‏:‏ إما خارج، وإما باعث مكانه رجلًا، وأوعبوا في الخروج فلم يتخلف من
أشرافهم أحد سوى أبي لهب، فإنه عوض عنه رجلًا كان له عليه دين، وحشدوا من
حولهم من قبائل العرب، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدى فلم
يخرج منهم أحد‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up قوام الجيش المكي

وكان قوام هذا الجيش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل في
بداية سيره، وكان معه مائة فرس وستمائة دِرْع، وجمال كثيرة لا يعرف عددها
بالضبط، وكان قائده العام أبا جهل ابن هشام، وكان القائمون بتموينه تسعة
رجال من أشراف قريش، فكانوا ينحرون يومًا تسعًا ويومًا عشرًا من الإبل‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up مشكلة قبائل بني بكر

ولما أجمع هذا الجيش على المسير ذكرت قريش ما كان
بينها وبين بني بكر من العداوة والحرب، فخافوا أن تضربهم هذه القبائل من
الخلف، فيكونوا بين نارين، فكاد ذلك يثنيهم، ولكن حينئذ تبدى لهم إبليس في
صورة سُرَاقة بن مالك بن جُعْشُم المدلجى ـ سيد بني كنانة ـ فقال لهم‏:‏
أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up جيش مكة يتحرك

وحينئذ خرجوا من ديارهم، كما قال الله‏:‏ )]{‏بَطَرًا
وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ‏}[/url]‏
‏[‏الأنفال‏:‏47‏]‏، وأقبلوا ـ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ
بحدهم وحديدهم يحادون الله ويحادون رسوله ‏[)]{‏وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ
قَادِرِينَ‏}[/url]‏ ‏[‏ القلم‏:‏25‏]‏، وعلى حمية وغضب وحنق على رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لجرأة هؤلاء على قوافلهم‏.‏

تحركوا بسرعة فائقة نحو الشمال في اتجاه بدر،
وسلكوا في طريقهم وادى عُسْفَان، ثم قُدَيْدًا، ثم الجُحْفَة، وهناك تلقوا
رسالة جديدة من أبي سفيان يقول لهم فيها‏:‏ إنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم
ورجالكم وأموالكم، وقد نجاها الله فارجعوا‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up العير تفلت

وكان من قصة أبي سفيان أنه كان يسير على الطريق
الرئيسى، ولكنه لم يزل حذرًا متيقظًا، وضاعف حركاته الاستكشافية، ولما
اقترب من بدر تقدم عيره حتى لقى مَجْدِىَّ بن عمرو، وسأله عن جيش المدينة،
فقال‏:‏ ما رأيت أحدًا أنكره إلا إني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا
التل، ثم استقيا في شن لهما، ثم انطلقا، فبادر أبو سفيان إلى مناخهما، فأخذ
من أبعار بعيرهما، ففته فإذا فيه النوى، فقال‏:‏ هذه والله علائف يثرب،
فرجع إلى عيره سريعًا، وضرب وجهها محولًا اتجاهها نحو الساحل غربًا، تاركًا
الطريق الرئيسى الذي يمر ببدر على اليسار، وبهذا نجا بالقافلة من الوقوع
في قبضة جيش المدينة، وأرسل رسالته إلى جيش مكة التي تلقاها في الجحفة‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up هَمّ الجيش المكي بالرجوع،
ووقوع الانشقاق فيه


ولما تلقى هذه الرسالة جيش مكة هم بالرجوع، ولكن
قام طاغية قريش أبو جهل في كبرياء وغطرسة قائلًا‏:‏ والله لا نرجع حتى نرد
بدرًا، فنقيم بها ثلاثًا، فننحر الجَزُور، ونطعم الطعام، ونسقى الخمر،
وتعزف لنا القِيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يـزالون يهابوننا
أبدًا‏.‏

ولكن على رغم أبي جهل ـ أشار الأخْنَس بن شَرِيق
بالرجوع فعصوه،فرجع هو وبنو زُهْرَة ـ وكان حليفًا لهم، ورئيسًا عليهم في
هذا النفير ـ فلم يشهد بدرًا زهرى واحد، وكانوا حوالى ثلاثمائة رجل،واغتبطت
بنو زهرة بَعْدُ برأي الأخنس بن شريق، فلم يزل فيهم مطاعًا معظمًا‏.‏

وأرادت بنو هاشم الرجوع فاشتد عليهم أبو جهل،
وقال‏:‏ لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع‏.‏

فسار جيش مكة وقوامه ألف مقاتل بعد رجوع بني زهرة ـ
وهو يقصد بدرًا ـ فواصل سيره حتى نزل قريبًا من بدر، وراء كثيب يقع
بالعدوة القصوى على حدود وادى بدر‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up موقف الجيش الإسلامي في
ضيق وحرج


أما استخبارات جيش المدينة فقد نقلت إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ـ وهو لا يزال في الطريق بوادي ذَفِرَان ـ خبر العير
والنفير، وتأكد لديه بعد التدبر في تلك الأخبار أنه لم يبق مجال لاجتناب
اللقاء الدامي، وأنه لا بد من إقدام يبني على الشجاعة والبسالة، والجراءة،
والجسارة، فمما لا شك فيه أنه لو ترك جيش مكة يجوس خلال تلك المنطقة يكون
ذلك تدعيمًا لمكانة قريش العسكرية، وامتدادًا لسلطانها السياسي، وإضعافًا
لكلمة المسلمين وتوهينًا لها،بل ربما تبقى الحركة الإسلامية بعد ذلك جسدًا
لا روح فيه، ويجرؤ على الشر كل من فيه حقد أو غيظ على الإسلام في هذه
المنطقة‏.‏

ثم هل هناك ضمان للمسلمين بامتناع جيش مكة عن
مواصلة سيره نحو المدينة، حتى ينقل المعركة إلى أسوارها، ويغزو المسلمين في
عقر دارهم‏؟‏ كلا‏!‏ فلو حدث من جيش المدينة نكول ما، لكان له أسوأ الأثر
على هيبة المسلمين وسمعتهم‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up المجلس الاستشاري

ونظرًا إلى هذا التطور الخطير المفاجيء عقد رسول
الله صلى الله عليه وسلم مجلسًا عسكريًا استشاريًا أعلى، أشار فيه إلى
الوضع الراهن، وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه وقادته‏.‏ وحينئذ تزعزع قلوب
فريق من الناس،وخافوا اللقاء الدامى،وهم الذين قال الله فيهم‏:‏ /)]‏{‏كَمَا أَخْرَجَكَ
رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ
لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا
يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ‏}[/url]‏
‏[‏الأنفال‏:‏5، 6‏]‏، وأمــا قادة الجيش فقـام أبو بكر الصديق فقال
وأحسن،ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن،ثم قام المقداد بن عمرو فقال‏:‏ يا
رسول الله، امض لما أراك الله،فنحن معك،والله لا نقول لك كما قالت بنو
إسرائيل لموسى‏:‏ )]‏{‏فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ
فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ‏}[/url]‏ ‏[‏المائدة‏:‏24]‏،
ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت
بنا إلى بَرْك الغِمَاد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه‏.‏

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا ودعا له
به‏.‏

وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين، وهم
أقلية في الجيش، فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرف رأي قادة
الأنصار؛ لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش، ولأن ثقل المعركة سيدور على
كواهلهم، مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم، فقال بعد
سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة‏:‏ ‏(‏أشيروا علىّ أيها الناس‏)‏ وإنما
يريد الأنصار، وفطن إلى ذلك قائد الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ‏.‏

فقال‏:‏ والله، ولكأنك تريدنا يا رسول الله‏؟‏

قال‏:‏ ‏(‏أجل‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به
هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا
رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته
لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا
لصُبُر في الحرب، صُدَّق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تَقَرَّ به
عينك، فسِرْ بنا على بركة الله‏.‏

وفي رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول الله صلى الله
عليه وسلم‏:‏ لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقًا عليها ألا تنصرك إلا في
ديارهم، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم‏:‏ فاظعن حيث شئت، وصِلْ حَبْل من
شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت
منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فهو
الله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غِمْدان لنسيرن معك، ووالله لئن استعرضت
بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك‏.‏

فَسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد،
ونشطه ذلك، ثم قال‏:‏ ‏(‏سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدنى إحدى
الطائفتين، والله لكإني الآن أنظر إلى مصارع القوم‏)‏‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up الجيش الإسلامي يواصل سيره

ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من
ذَفِرَان، فسلك على ثنايا يقال لها‏:‏ الأصافر، ثم انحط منها إلى بلد يقال
له‏:‏ الدَّبَّة، وترك الحَنَّان بيمين ـ وهو كَثِيب عظيم كالجبل ـ ثم نزل
قريبًا من بدر‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up الرسول صلى الله عليه
وسلم يقوم بعملية الاستكشاف


وهناك قام صلى الله عليه وسلم بنفسه بعملية
الاستكشاف مع رفيقه في الغار أبي بكر الصديق رضي الله عنه وبينما هما
يتجولان حول معسكر مكة إذا هما بشيخ من العرب، فسأله رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن قريش وعن محمد وأصحابه ـ سأل عن الجيشين زيادة في التكتم ـ
ولكن الشيخ قال‏:‏ لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما‏؟‏ فقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا أخبرتنا أخبرناك‏)‏، قال‏:‏ أو ذاك بذاك‏؟‏
قال‏:‏ ‏(‏نعم‏)‏‏.‏

قال الشيخ‏:‏ فإنه بلغنى أن محمدًا وأصحابه خرجوا
يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا ـ للمكان
الذي به جيش المدينة‏.‏ وبلغنى أن قريشًا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق
الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا ـ للمكان الذي به جيش مكة‏.‏

ولما فرغ من خبره قال‏:‏ ممن أنتما‏؟‏ فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏نحن من ماء‏)‏، ثم انصرف عنه، وبقى
الشيخ يتفوه‏:‏ ما من ماء‏؟‏ أمن ماء العراق‏؟‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up الحصول على أهم
المعلومات عن الجيش المكي


وفي مساء ذلك اليوم بعث صلى الله عليه وسلم
استخباراته من جديد ليبحث عن أخبار العدو، وقام لهذه العملية ثلاثة من قادة
المهاجرين؛ على بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد ابن أبي وقاص في نفر
من أصحابه، ذهبوا إلى ماء بدر فوجدوا غلامين يستقيان لجيش مكة، فألقوا
عليهما القبض، وجاءوا بهما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة،
فاستخبرهما القوم، فقالا‏:‏ نحن سقاة قريش، بعثونا نسقيهم من الماء، فكره
القوم، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان ـ لاتزال في نفوسهم بقايا أمل في
الاستيلاء على القافلة ـ فضربوهما ضربًا موجعًا حتى اضطر الغلامان أن
يقولا‏:‏ نحن لأبي سفيان فتركوهما‏.‏

ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مـن الصلاة
قال لهم كالعاتب‏:‏ ‏(‏إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا
والله، إنهما لقريش‏)‏‏.‏

ثم خاطب الغلامين قائلًا‏:‏ ‏(‏أخبرإني عن
قريش‏)‏، قالا‏:‏ هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى، فقال
لهما‏:‏ ‏(‏كم القوم‏؟‏‏)‏ قالا‏:‏ كثير‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ما عدتهم‏؟‏‏)‏
قالا‏:‏ لا ندرى، قال‏:‏ ‏(‏كم ينحرون كل يوم‏؟‏‏)‏ قالا‏:‏ يومًا تسعًا
ويومًا عشرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏القوم فيما بين
التسعمائة إلى الألف‏)‏، ثم قال لهما‏:‏ ‏(‏فمن فيهم من أشراف قريش‏؟‏‏)‏
قالا‏:‏ عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو البَخْتَرىّ بن هشام، وحكيم بن
حِـزام، ونَوْفَل بن خويلد، والحارث بن عامر، وطُعَيْمَة بن عدى، والنضر بن
الحارث، وَزمْعَة بن الأسود، وأبو جهل بن هشام، وأميــة بن خلف في رجال
سمياهم‏.‏

فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس
فقال‏:‏ ‏(‏هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها‏)‏‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up نزول المطر

وأنزل الله عز وجل في تلك الليلة مطرًا واحدًا،
فكان على المشركين وابلًا شديدًا منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طلا
طهرهم به، وأذهب عنهم رجس الشيطان، ووطأ به الأرض، وصلب به
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الخميس فبراير 25, 2010 9:46 pm
الجيش الإسلامي يسبق إلى أهم المراكز العسكرية

وتحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه ليسبق المشركين إلى
ماء بدر، ويحول بينهم وبين الاستيلاء عليه، فنزل عشاء أدنى ماء من مياه
بدر، وهنا قام الحُبَاب بن المنذر كخبير عسكرى وقال‏:‏ يا رسول الله، أرأيت
هذا المنزل، أمنزلًا أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه‏؟‏ أم
هو الرأي والحرب والمكيدة‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏بل هو الرأي والحرب والمكيدة‏)‏‏.‏

قال‏:‏ يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل، فانهض
بالناس حتى نأتى أدنى ماء من القوم ـ قريش ـ فننزله ونغوّر ـ أي نُخَرِّب ـ
ما وراءه من القُلُب، ثم نبني عليه حوضًا، فنملأه ماء، ثم نقاتل القوم،
فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لقد أشرت
بالرأي‏)‏‏.‏

فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش حتى أتى
أقرب ماء من العدو، فنزل عليه شطر الليل، ثم صنعوا الحياض وغوروا ما عداها
من القلب‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up مقر القيادة

وبعد أن تم نزول المسلمين على الماء اقترح سعد بن
معاذ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبني المسلمون مقرًا لقيادته؛
استعدادًا للطوارئ، وتقديرًا للهزيمة قبل النصر، حيث قال‏:‏

يا نبى الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه، ونعد
عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما
أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بِمَنْ وراءنا من قومنا،
فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبًا منهم، ولو ظنوا أنك
تلقى حربًا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم، يناصحونك ويجاهدون معك‏.‏

فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا
ودعا له بخير، وبني المسلمون عَرِيشًا على تل مرتفع يقع في الشمال الشرقى
لميدان القتال، ويشرف على ساحة المعركة‏.‏

كما تم اختيار فرقة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن
معاذ يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم حول مقر قيادته‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up تعبئة الجيش وقضاء
الليل


ثم عبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه‏.‏ ومشى
في موضع المعركة، وجعل يشير بيده‏:‏ ‏(‏هذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله،
وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله‏)‏‏.‏ ثم بات رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلي إلى جذع شجرة هنالك، وبات المسلمون ليلهم هادئي الأنفاس منيري
الآفاق، غمرت الثقة قلوبهم، وأخذوا من الراحة قسطهم؛ يأملون أن يروا بشائر
ربهم بعيونهم صباحًا‏:‏ ‏)]{‏إِذْ يُغَشِّيكُمُ
النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء
لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ
عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ‏}[/url]
[‏الأنفال‏:‏11‏]‏‏.‏

كانت هذه الليلة ليلة الجمعة، السابعة عشرة من
رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وكان خروجه صلى الله عليه وسلم في 8
أو12 من نفس الشهر‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up الجيش المكي في عرصة
القتال، ووقوع الانشقاق فيه


أما قريش فقضت ليلتها هذه في معسكرها بالعدوة
القصوى، ولما أصبحت أقبلت في كتائبها، ونزلت من الكثيب إلى وادي بدر‏.‏
وأقبل نفر منهم إلى حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏[‏دعوهم‏]‏،
فما شرب أحد منهم يومئذ إلا قتل، سوى حكيم بن حزام، فإنه لم يقتل، وأسلم
بعد ذلك، وحسن إسلامه، وكان إذا اجتهد في اليمين قال‏:‏ لا والذي نجاني من
يوم بدر‏.‏

فلما اطمأنت قريش بعثت عُمَيْر بن وهب الجُمَحِى
للتعرف على مدى قوة جيش المدينة، فدار عمير بفرسه حول العسكر، ثم رجع إليهم
فقال‏:‏ ثلاثمائة رجل، يزيدون قليلًا أو ينقصون، ولكن أمهلونى حتى أنظر
أللقوم كمين أو مدد‏؟‏

فضرب في الوادى حتى أبعد، فلم ير شيئًا، فرجع
إليهم فقال‏:‏ ما وجدت شيئًا، ولكنى قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل
المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا
سيوفهم، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلًا منكم،فإذا أصابوا
منكم أعدادكم فما خير العيش بعد ذلك‏؟‏ فروا رأيكم‏.‏

وحينئذ قامت معارضة أخرى ضد أبي جهل ـ المصمم على
المعركة ـ تدعو إلى العودة بالجيش إلى مكة دونما قتال، فقد مشى حكيم بن
حزام في الناس، وأتى عتبة ابن ربيعة فقال‏:‏ يا أبا الوليد، إنك كبير قريش
وسيدها، والمطاع فيها، فهل لك إلى خير تذكر به إلى آخر الدهر‏؟‏ قال‏:‏ وما
ذاك يا حكيم‏؟‏ قال‏:‏ ترجع بالناس، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمى ـ
المقتول في سرية نخلة ـ فقال عتبة‏:‏ قد فعلت‏.‏ أنت ضامن علىّ بذلك‏.‏
إنما هو حليفي، فعلى عقله ‏[‏ديته‏]‏ وما أصيب من ماله‏.‏

ثم قال عتبة لحكيم بن حزام‏:‏ فائت ابن
الحَنْظَلِيَّةِ ـ أبا جهل، والحنظلية أمه ـ فإني لا أخشى أن يشجر أمر
الناس غيره‏.‏

ثم قام عتبة بن ربيعة خطيبًا فقال‏:‏ يا معشر
قريش، إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدًا وأصحابه شيئًا، والله لئن
أصبتموه لايزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه، قتل ابن عمه أو ابن
خاله أو رجلًا من عشيرته، فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب، فإن
أصابوه فذاك الذي أردتم، وإن كان غير ذلك ألْفَاكُمْ ولم تَعَرَّضُوا منه
ما تريدون‏.‏

وانطلق حكيم بن حزام إلى أبي جهل ـ وهو يهيئ درعًا
له ـ قال‏:‏ يا أبا الحكم، إن عتبة أرسلنى بكذا وكذا، فقال أبو جهل‏:‏
انتفخ والله سَحْرُهُ حين رأي محمدًا وأصحابه، كلا والله لا نرجع حتى يحكم
الله بيننا وبين محمد، وما بعتبة ما قال، ولكنه قد رأي أن محمدًا وأصحابه
أكلة جَزُور، وفيهم ابنه ـ وهو أبو حذيفة بن عتبة كان قد أسلم قديمًا وهاجر
ـ فَتَخَوَّفَكُمْ عليه‏.‏

ولما بلغ عتبة قول أبي جهل‏:‏ انتفخ والله سحره،
قال عتبة‏:‏ سيعلم مُصَفِّر اسْتَه من انتفخ سحره، أنا أم هو‏؟‏ وتعجل أبو
جهل، مخافة أن تقوى هذه المعارضة، فبعث على إثر هذه المحاورة إلى عامر بن
الحضرمى ـ أخي عمرو بن الحضرمى المقتول في سرية عبد الله بن جحش ـ فقال‏:‏
هذا حليفك ‏[‏أي عتبة‏]‏ يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم
فانْشُد خُفْرَتَك ، ومَقْتَلَ أخيك، فقام عامر فكشف عن استه، وصرخ‏:‏
واعمراه، واعمراه، فحمى القوم، وحَقِبَ أمرهم، واستوثقوا على ما هم عليه من
الشر، وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة‏.‏ وهكذا تغلب الطيش
على الحكمة، وذهبت هذه المعارضة دون جدوى‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up الجيشان يتراآن

ولما طلع المشركون وتراءى الجمعان قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اللهم هذه قريش قد أقبلت بخُيَلائها وفَخْرها
تُحَادُّك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحْنِهُم
‏[‏الغداة‏]‏‏)‏ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ورأى عتبة بن
ربيعة في القوم على جمل له أحمر‏:‏ ‏(‏إن يكن في أحد من القوم خير فعند
صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يَرْشُدُوا‏)‏‏.‏

وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوف المسلمين،
وبينما هو يعدلها وقع أمر عجيب، فقد كان في يديه قِدْح يعدل به، وكان
سَوَاد بن غَزِيَّة مُسْتَنْصِلًا من الصف، فطعن في بطنه بالقدح، وقال‏:‏
‏(‏استو يا سواد‏)‏، فقال سواد‏:‏ يا رسول الله، أوجعتنى فأقدنى، فكشف عن
بطنه وقال‏:‏ ‏(‏استقد‏)‏، فاعتنقه سواد وقبل بطنه، فقال‏:‏ ‏(‏ما حملك على
هذا يا سواد‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ يا رسول الله، قد حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر
العهد بك أن يمس جلدى جلدك‏.‏ فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم
بخير‏.‏

ولما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه بألا
يبدأوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر الأخيرة، ثم أدلى إليهم بتوجيه خـاص
في أمـر الحـرب، فقال‏:‏ ‏(‏إذا أكثبوكم ـ يعنى اقتربوا منكم ـ فارموهم،
واستبقوا نبلكم، ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم‏)‏ ثم رجع إلى العريش هو وأبو
بكر خاصة،وقام سعد بن معاذ بكتيبة الحراسة على باب العريش‏.‏

أما المشركون فقد استفتح أبو جهل في ذلك اليوم
فقال‏:‏ اللهم أقطعنا للرحم، وآتانا بما لانعرفه،فأحِنْه الغداة،اللهم أينا
كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم، وفي ذلك أنزل الله‏:‏)]{‏إِن
تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ
لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ
شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ‏}[/url]‏
‏[‏الأنفال‏:‏19‏]‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up ساعة الصفر وأول وقود
المعركة


وكان أول وقود المعركة الأسود بن عبد الأسد
المخزومى ـ وكان رجلًا شرسًا سيئ الخلق ـ خرج قائلًا‏:‏ أعاهد الله لأشربن
من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه‏.‏ فلما خرج خرج إليه حمزة بن عبد
المطلب رضي الله عنه فلما التقيا ضربه حمزة فأطَنَّ قدمه بنصف ساقه وهو دون
الحوض، فوقع على ظهره تشخب رجله دمًا نحو أصحابه، ثم حبا إلى الحوض حتى
اقتحم فيه، يريد أن تبر يمينه، ولكن حمزة ثنى عليه بضربة أخرى أتت عليه وهو
داخل الحوض‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up المبـــارزة

وكان هذا أول قتل أشعل نار المعركة، فقد خرج بعده
ثلاثة من خيرة فرسان قريش كانوا من عائلة واحدة، وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا
ربيعة، والوليد بن عتبة، فلما انفصلوا من الصف طلبوا المبارزة، فخرج إليهم
ثلاثة من شباب الأنصار عَوْف ومُعَوِّذ ابنا الحارث ـ وأمهما عفراء ـ وعبد
الله بن رواحة، فقالوا‏:‏ من أنتم‏؟‏ قالوا‏:‏ رهط من الأنصار‏.‏ قالوا‏:‏
أكِِفَّاء كرام، ما لنا بكم حاجة، وإنما نريد بني عمنا، ثم نادى مناديهم‏:‏
يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم‏:‏ ‏(‏قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا على‏)‏، فلما قاموا
ودنوا منهم، قالوا‏:‏ من أنتم‏؟‏ فأخبروهم، فقالوا‏:‏ أنتم أكفاء كرام،
فبارز عبيدة ـ وكان أسن القوم ـ عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة، وبارز على
الوليد‏.‏ فأما حمزة وعلى فلم يمهلا قرنيهما أن قتلاهما، وأما عبيدة
فاختلف بينه وبين قرنه ضربتان، فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم كَرَّ على
وحمزة على عتبة فقتلاه، واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله، فلم يزل ضَمِنًا حتى
مات بالصفراء،بعد أربعة أو خمسة أيام من وقعة بدر، حينما كان المسلمون في
طريقهم إلى المدينة‏.‏ وكان على يقسم بالله أن هذه الآية نــزلت فيهم‏:‏ ‏)]{‏هَذَانِ
خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ‏}[/url]‏ الآية
‏[‏الحج‏:‏19‏]‏‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up الهجوم العام

وكانت نهاية هذه المبارزة بداية سيئة بالنسبة
للمشركين؛ إذ فقدوا ثلاثة من خيرة فرسانهم وقادتهم دفعة واحدة،فاستشاطوا
غضبًا،وكروا على المسلمين كرة رجل واحد‏.‏

وأما المسلمون فبعد أن استنصروا ربهم واستغاثوه
وأخلصوا له وتضرعوا إليه تلقوا هجمات المشركين المتتالية، وهم مرابطون في
مواقعهم، واقفون موقف الدفاع، وقد ألحقوا بالمشركين خسائر فادحة، وهم
يقولون‏:‏ أحَد أحَد‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up الرسول صلى الله عليه
وسلم يناشد ربه


أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان منذ رجوعه
بعد تعديل الصفوف يناشد ربه ما وعده من النصر، ويقول‏:‏ ‏(‏اللّهم أنجز لي
ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك‏)‏، حتى إذا حَمِىَ الوَطِيسُ،
واستدارت رحى الحرب بشدة واحتدم القتال، وبلغت المعركة قمتها، قال‏:‏
‏(‏اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد
اليوم أبدًا‏)‏‏.‏ وبالغ في الابتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فرده عليه
الصديق، وقال‏:‏ حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك‏.‏

وأوحى الله إلى ملائكته‏:‏ ‏)]{‏أَنِّي مَعَكُمْ
فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ
كَفَرُواْ الرَّعْبَ‏}[/url]‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 12‏]‏،وأوحى إلى رسوله‏:‏
أَنِّي
مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ‏}[/url]‏
‏[‏الأنفال‏:‏9‏]‏ ـ أي إنهم ردف لكم، أو يردف بعضهم بعضًا أرسالًا، لا
يأتون دفعة واحدة‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up نزول الملائكة

وأغفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة واحدة،
ثم رفع رأسه فقال‏:‏ ‏(‏أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثَنَاياه
النَّقْعُ‏)‏ ‏[‏أي الغبار‏]‏ وفي رواية ابن إسحاق‏:‏ قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان
فرسه يقوده، وعلى ثناياه النقع‏)‏‏.‏

ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب
العريش وهو يثب في الدرع ويقول‏:‏)]{‏سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ
وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ‏}[/url]‏ ‏[‏القمر‏:‏45‏]‏ ،ثم أخذ حَفْنَةً
من الحَصْبَاء، فاستقبل بها قريشًا وقال‏:‏ ‏(‏شاهت الوجوه‏)‏ ورمى بها في
وجوههم، فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه من تلك
القبضة، وفي ذلك أنزل الله‏:‏ ‏[)]{‏وَمَا رَمَيْتَ إِذْ
رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى‏}[/url]‏ ‏[‏الأنفال‏:‏17‏]‏‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up الهجوم المضاد

وحينئذ أصدر إلى جيشه أوامره الأخيرة بالهجمة
المضادة فقال‏:‏ ‏(‏شدوا‏)‏، وحرضهم على القتال، قائلًا‏:‏ ‏(‏والذي نفس
محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر،
إلا أدخله الله الجنة‏)‏، وقال وهو يحضهم على القتال‏:‏ ‏(‏قوموا إلى جنة
عرضها السموات والأرض‏)‏، ‏[‏وحينئذ‏]‏ قال عُمَيْر بن الحُمَام‏:‏ بَخْ
بَخْ‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما يحملك على قولك‏:‏ بخ
بخ‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ لا، والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها،
قال‏:‏ ‏(‏فإنك من أهلها‏)‏‏.‏ فأخرج تمرات من قَرَنِه فجعل يأكل منهن، ثم
قال‏:‏ لئن أنا حييت حتى آكل تمراتى هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان
معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل‏.‏

وكذلك سأله عوف بن الحارث ـ ابن عفراء ـ فقال‏:‏
يا رسول الله، ما يضحك الرب من عبده‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏غَمْسُه يده في العَدُوّ
حاسرًا‏)‏، فنزع درعا كانت عليه فقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى
قتل‏.‏

وحين أصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر
بالهجوم المضاد كانت حدة هجمات العدو قد ذهبت وفتر حماسه، فكان لهذه الخطة
الحكيمة أثر كبير في تعزيز موقف المسلمين، فإنهم حينما تلقوا أمر الشد
والهجوم ـ وقد كان نشاطهم الحربي على شبابه ـ قاموا بهجوم كاسح مرير،
فجعلوا يقلبون الصفوف، ويقطعون الأعناق‏.‏ وزادهم نشاطًا وحدة أن رأوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع، وقد تقدمهم فلم يكن أحد أقرب من
المشركين منه، وهو يقول في جزم وصراحة‏:‏)]‏{‏سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ
وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ‏}[/url]‏ فقاتل المسلمون أشد القتال ونصرتهم
الملائكة‏.‏ ففي رواية ابن سعد عن عكرمة قال‏:‏ كان يومئذ يَنْدُر رأس
الرجل لا يدرى من ضربه، وتندر يد الرجل لا يدرى من ضربها‏.‏ وقال ابن
عباس‏:‏ بينما رجل من المسلمين يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع
ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول‏:‏ أقدم حَيْزُوم، فنظر إلى المشرك
أمامه، فخر مستلقيًا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط،
فاخْضَرَّ ذلك أجمع، فجاء الأنصارى فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فقال‏:‏ ‏(‏صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة‏)‏‏.‏

وقال أبو داود المازنى‏:‏ إني لأتبع رجلًا من
المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله
غيرى، وجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا،فقال العباس‏:‏ إن
هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح، من أحسن الناس وجهًا على فرس
أبْلَق، وما أراه في القوم، فقال الأنصاري‏:‏ أنا أسرته يا رسول الله،
فقال‏:‏ ‏(‏اسكت فقد أيدك الله بملك كريم‏)‏‏.‏

وقال علي‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم بدر، ولأبي بكر‏:‏ ‏(‏مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل، وإسرافيل ملك
عظيم يشهد القتال، أو يكون في القتال‏)‏‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up إبليس ينسحب عن ميدان
القتال


ولما رأى إبليس ـ وكان قد جاء في صورة سراقة بن
مالك بن جُعْشُم المدلجي كما ذكرنا، ولم يكن فارقهم منذ ذلك الوقت ـ فلما
رأي ما يفعل الملائكة بالمشركين فر ونكص على عقبيه، وتشبث به الحارث بن
هشام ـ وهو يظنه سراقة ـ فوكز في صدر الحارث فألقاه، ثم خرج هاربًا، وقال
له المشركون‏:‏ إلى أين يا سراقة‏؟‏ ألم تكن قلت‏:‏ إنك جار لنا، لا
تفارقنا‏؟‏ فقال‏:‏ ‏[)]{‏إِنِّي أَرَى مَا لاَ
تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ‏}[/url]‏
‏[‏الأنفال‏:‏48‏]‏، ثم فر حتى ألقى نفسه في البحر‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up الهزيمة الساحقة

وبدأت أمارات الفشل والاضطراب في صفوف المشركين،
وجعلت تتهدم أمام حملات المسلمين العنيفة، واقتربت المعركة من نهايتها،
وأخذت جموع المشركين في الفرار والانسحاب المبدد، وركب المسلمون ظهورهم
يأسرون ويقتلون، حتى تمت عليهم الهزيمة‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up صمود أبي جهل

أما الطاغية الأكبر أبو جهل، فإنه لما رأى أول
أمارات الاضطراب في صفوفه حاول أن يصمد في وجه هذا السيل، فجعل يشجع جيشه
ويقول لهم في شراسة ومكابرة‏:‏ لا يهزمنكم خذلان سراقة إياكم، فإنه كان على
ميعاد من محمد، ولا يهولنكم قتل عتبة وشيبة والوليد، فإنهم قد عجلوا،
فواللات والعزى لا نرجع حتى نقرنهم بالحبال، ولا ألفين رجلًا منكم قتل منهم
رجلًا، ولكن خذوهم أخذًا حتى نعرفهم بسوء صنيعهم‏.‏

ولكن سرعان ما تبدت له حقيقة هذه الغطرسة، فما لبث
إلا قليلًا حتى أخذت الصفوف تتصدع أمام تيارات هجوم المسلمين‏.‏ نعم، بقى
حوله عصابة من المشركين ضربت حوله سياجًا من السيوف، وغابات من الرماح،
ولكن عاصفة هجوم المسلمين بددت هذا السياج، وأقلعت هذه الغابات، وحينئذ ظهر
هذا الطاغية، ورآه المسلمون يجول على فرسه، وكان الموت ينتظر أن يشرب من
دمه بأيدى غلامين أنصاريين‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up مصرع أبي جهل

قال عبد الرحمن بن عوف رضي اله عنه إني لفي الصف
يوم بدر إذ التفت، فإذا عن يمينى وعن يسارى فتيان حديثا السن، فكأني لم آمن
بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سرًا من صاحبه‏:‏ يا عم، أرني أبا جهل،
فقلت‏:‏ يابن أخي، فما تصنع به‏؟‏ قال‏:‏ أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله
عليه وسلم، قال‏:‏ والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى
يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك‏.‏ قال‏:‏ وغمزني الآخر، فقال لي مثلها، فلم
أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس‏.‏ فقلت‏:‏ ألا تريان‏؟‏ هذا
صاحبكما الذي تسألاني عنه، قال‏:‏ فابتدراه فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فـقال‏:‏ ‏(‏أيكما قتله‏؟‏‏)‏ فقـال كـل
واحد منهما‏:‏ أنا قتلته، قال‏:‏ ‏(‏هل مسحتما سيفيكما‏؟‏‏)‏ فـقالا‏:‏
لا‏.‏ فنـظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلــى السيفـين فقال‏:‏
‏(‏كلاكما قتله‏)‏، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسَلَبِه لمعاذ بن
عمرو بن الجموح، والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومُعَوِّذ ابن عفراء‏.‏

وقال ابن إسحاق‏:‏ قال معاذ بن عمرو بن الجموح‏:‏
سمعت القوم، وأبو جهل في مثل الحَرَجَة ـ والحرجة‏:‏ الشجر الملتف، أو شجرة
من الأشجار لا يوصل إليها، شبه رماح المشركين وسيوفهم التي كانت حول أبي
جهل لحفظه بهذه الشجرة ـ وهم يقولون‏:‏ أبو الحكم لا يخلص إليه، قال‏:‏
فلما سمعتها جعلته من شاني فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه، فضربته ضربة
أطَنَّتْ قدمه ـ أطارتها ـ بنصف ساقه، فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا
بالنواة تَطِيحُ من تحت مِرْضِخَة النوى حين يضرب بها‏.‏ قال‏:‏ وضربني
ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي، فتعلقت بجلدة من جنبي، وأجهضني القتال عنه،
فلقد قاتلت عَامَّةَ يومي وإني لأسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي،
ثم تَمَطَّيْتُ بها عليها حتى طرحتها، ثم مر بأبي جهل ـ وهو عَقِيرٌ ـ
مُعَوِّذ ابن عفراء فضربه حتى أثبته، فتركه وبه رَمَق، وقاتل معوذ حتى
قتل‏.‏

ولما انتهت المعركة قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم‏:‏ ‏(‏من ينظر ما صنع أبو جهل‏؟‏‏)‏ فتفرق الناس في طلبه، فوجده عبد
الله بن مسعود رضي الله عنه وبه آخر رمق، فوضع رجله على عنقه وأخذ لحيته
ليحتز رأسه، وقال‏:‏ هل أخزاك الله يا عدو الله‏؟‏ قال‏:‏ وبماذا أخزاني‏؟‏
أأعمد من رجل قتلتموه‏؟‏ أو هل فوق رجل قتلتموه‏؟‏ وقال‏:‏ فلو غير أكَّار
قتلنى، ثم قال‏:‏ أخبرني لمن الدائرة اليوم‏؟‏ قال‏:‏ لله ورسوله، ثم قال
لابن مسعود ـ وكان قد وضع رجله على عنقه‏:‏ لقد ارتقيت مرتقى صعبًا يا
رُوَيْعِىَ الغنم، وكان ابن مسعود من رعاة الغنم في مكة‏.‏

وبعد أن دار بينهما هذا الكلام احتز ابن مسعود
رأسه، وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ يا رسول الله،
هذا رأس عدو الله أبي جهل، فقال‏:‏ ‏(‏الله الذي لا إله إلا هو‏؟‏‏)‏
فرددها ثلاثًا، ثم قال‏:‏ ‏(‏الله أكبر، الحمد لله الذي صدق وعده، ونصر
عبده، وهزم الأحزاب وحده، انطلق أرنيه‏)‏، فانطلقـنا فــأريته إيـاه،
فقال‏:‏ ‏(‏هذا فرعون هذه الأمة‏)‏‏.‏



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Up من روائع الإيمان في
هذه المعركة


لقد أسلفنا نموذجين رائعين من عمير بن الحمام وعوف
بن الحارث ـ ابن عفراء ـ وقد تجلت في هذه المعركة مناظر رائعة تبرز فيها
قوة العقيدة وثبات المبدأ، ففي هذه المعركة التقى الآباء بالأبناء، والإخوة
بالإخوة، خالفت بينهما المبادئ ففصلت بينهما السيوف، والتقى المقهور
بقاهره فشفي منه غيظه‏.‏

1 ـ روى ابن إسحاق عن ابن عباس أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال لأصحابه‏:‏ ‏(‏إني قد عرفت أن رجالًا من بني هاشم وغيرهم قد
أخرجوا كرهًا، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقى أحدًا من بني هاشم فلا يقتله،
ومن لقى أبا البَخْتَرِيّ بن هشام فلا يقتله، ومن لقى العباس بن عبد المطلب
فلا يقتله، فإنه إنما أخرج مستكرهًا‏)‏، فقال أبو حذيفة بن عتبة‏:‏ أنقتل
آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس، والله لئن لقيته لألحمنه ـ
أو لألجمنه ـ بالسيف، فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لعمر بن
الخطاب‏:‏ ‏(‏يا أبا حفص، أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالسيف‏)‏، فقال عمر‏:‏ يا رسول الله، دعني فلأضرب عنقه بالسيف، فوالله لقد
نافق‏.‏

فكان أبو حذيفة يقول‏:‏ ما أنا بآمن من تلك الكلمة
التي قلت يومئذ، ولا أزال منها خائفًا إلا أن تكفرها عنى الشهادة‏.‏ فقتل
يوم اليمامة شهيدًا‏.‏

2 ـ وكان النهي عن قتل أبي البختري؛ لأنه كان أكف
القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، وكان لا يؤذيه، ولا يبلغ
عنه شيء يكرهه، وكان ممن قام في نقض صحيفة مقاطعة بني هاشم وبني المطلب‏.‏

ولكن أبا البختري قتل على رغم هذا كله، وذلك أن
المُجَذَّر بن زياد الْبَلَوِىّ لقيه في المعركة ومعه زميل له، يقاتلان
سويًا، فقال المجذر‏:‏ يا أبا البخترى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
نهانا عن قتلك، فقال‏:‏ وزميلي‏؟‏ فقال المجذر‏:‏ لا والله ما نحن بتاركي
زميلك، فقال‏:‏والله إذن لأموتن أنا وهو جميعًا، ثم اقتتلا، فاضطر المجذر
إلى قتله‏.‏

3 ـ كان عبد الرحمن بن عوف وأمية بن خلف صديقين في
الجاهلية بمكة، فلما كان يوم بدر مر به عبد الرحمن، وهو واقف مع ابنه على
بن أمية، آخذًا بيده، ومع عبد الرحمن أدراع قد استلبها، وهو يحملها، فلما
رآه قال‏:‏ هل لك في‏؟‏ فأنا خير من هذه الأدراع التي معك، ما رأيت كاليوم
قط، أما لكم حاجة في اللبن‏؟‏ ـ يريد أن من أسرني افتديت منه بإبل كثيرة
اللبن ـ فطرح عبد الرحمن الأدراع، وأخذهما يمشى بهما، قال عبد الرحمن‏:‏
قال لي أمية بن خلف، وأنا بينه وبين ابنه‏:‏ من الرجل منكم المعلم بريشة
النعامة في صدره‏؟‏ قلت‏:‏ ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال‏:‏ ذاك الذي فعل
بنا الأفاعيل‏.‏

قال عبد الرحمن‏:‏ فوالله إني لأقودهما إذ رآه
بلال معي ـ وكان أمية هو الذي يعذب بلالًا بمكة ـ فقال بلال‏:‏ رأس الكفر
أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا‏.‏ قلت‏:‏ أي بلال، أسيري‏.‏ قال‏:‏ لا نجوت
إن نجا‏.‏ قلت‏:‏ أتسمع يابن السوداء‏.‏ قال‏:‏ لا نجوت إن نجا‏.‏ ثم صرخ
بأعلى صوته‏:‏ يا أنصار الله، رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا‏.‏
قال‏:‏ فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل الْمَسَكَة، وأنا أذب عنه، قال‏:‏
فأخلف رجل السيف، فضرب رجل ابنه فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط،
فقلت‏:‏ انج بنفسك، ولا نجاء بك، فوالله ما أغني عنك شيئًا‏.‏ قال‏:‏
فَهَبَرُوهُمَا بأسيافهم حتى فرغوا منهما، فكان عبد الرحمن يقول‏:‏ يرحم
الله بلالًا، ذهبت أدراعي، وفجعني بأسيري‏.‏

وروى البخاري عن عبد الرحمن بن عوف قال‏:‏ كاتبت
أمية بن خلف كتابًا بأن يحفظني في صاغيتي ـ أي خاصتي ومالي ـ بمكة، وأحفظه
في صاغيته بالمدينة‏.‏‏.‏‏.‏ فلما كان يوم بدر خرجت إلى جبل لأحرزه حين نام
الناس، فأبصره بلال، فخرج حتى وقف على مجلس الأنصار فقال‏:‏ أمية بن خلف،
لا نجوت إن نجا أمية، فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا، فلما خشيت أن
يلحقونا خلفت لهم ابنه ليشغلهم، فقتلوه، ثم أبوا حتى يتبعونا، وكان رجلًا
ثقيلًا، فلما أدركونا قلت له‏:‏ ابرك، فبرك، فألقيت عليه نفسي لأمنعه،
فتخللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه، وأصاب أحدهم رجلي بسيفه‏.‏ وكان عبد
الرحمن يرينا ذلك الأثر في ظهر قدمه‏.‏

4 ـ وقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومئذ خاله
العاص بن هشام بن المغيرة، ولم يلتفت إلى قرابته منه، ولكن حين رجع إلى
المدينة قال للعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في الأسر‏:‏ يا
عباس أسلم، فوالله أن تسلم أحب إلى من أن يسلم الخطاب، وما ذاك إلا لما
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه إسلامك‏.‏

5 ـ ونادى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ابنه عبد
الرحمن ـ وهو يومئذ مع المشركين ـ فقال‏:‏ أين مالي يا خبيث‏؟‏ فقال عبد
الرحمن‏:‏

لَمْ يَبْقَ غَيْرُ شَكَّةٍ ويَعْبُوب ** وصَارِمٍ
يَقْتُلُ ضُلاَّل الشِّيَبْ

6 ـ ولما وضع القوم أيديهم يأسرون، ورسول الله صلى
الله عليه وسلم في العريش، وسعد بن معاذ قائم على بابه يحرسه متوشحًا
سيفه، رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما
يصنع الناس، فقال له‏:‏ والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم‏؟‏ قال‏:‏
أجل والله يا رسول الله، كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك، فكان
الإثخان في القتل بأهل الشرك أحب إلىّ من استبقاء الرجال‏.‏

7 ـ وانقطع يومئذ سيف عُكَّاشَة بن مِحْصَن
الأسدي، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه جِذْلًا من حطب، فقال‏:‏
‏(‏قاتل بهذا يا عكاشة‏)‏، فلما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
هزه، فعاد سيفًا في يده طويل القامة، شديد المتن، أبيض الحديدة، فقاتل به
حتى فتح الله تعالى للمسلمين، وكان ذلك السيف يسمى العَوْن، ثم لم يزل عنده
يشهد به المشاهد، حتى قتل في حروب الردة وهو عنده‏.‏

8 ـ وبعد انتهاء المعركة مر مصعب بن عمير العبدري
بأخيه أبي عزيز بن عمير الذي خاض المعركة ضد المسلمين،مر به وأحد الأنصار
يشد يده، فقال مصعب للأنصاري‏:‏ شد يديك به، فإن أمه ذات متاع، لعلها تفديه
منك، فقال أبو عزيز لأخيه مصعب‏:‏ أهذه وصاتك بي‏؟‏ فقال مصعب‏:‏ إنه ـ أي
الأنصاري ـ أخي دونك‏.‏

9 ـ ولما أمر بإلقاء جيف المشركين في القَلِيب،
وأخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في
وجه ابنه أبي حذيفة، فإذا هو كئيب قد تغير، فقال‏:‏ ‏(‏يا أبا حذيفة، لعلك
قد دخلك من شأن أبيك شيء‏؟‏‏)‏ فقال‏:‏ لا والله، يا رسول الله، ما شككت في
أبي ولا مصرعه، ولكنني كنت أعرف من أبي رأيًا وحلمًا وفضلًا، فكنت أرجو أن
يهديه ذلك إلى الإسلام، فلما رأيت ما أصابه، وذكرت ما مات عليه من الكفر
بعد الذي كنت أرجو له أحزنني ذلك‏.‏ فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم
بخير، وقال له خيرًا‏.‏
نور الحياه
نور الحياه
سوبر
سوبر
انثى
عدد الرسائل : 160
تقييم : 4
تاريخ التسجيل : 03/01/2010

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الجمعة فبراير 26, 2010 12:48 am
تسلم ايدك يا محمد


بارك الله فيك وجعلها في ميزان حسناتك





صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 506797815
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

السبت فبراير 27, 2010 10:49 pm
نور جزاكى الله خير على مرورك الكريم وبجد الصورة جميلة ومعبرة عن الموضوع شكرا نور ودمتى بخير
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

السبت فبراير 27, 2010 10:56 pm
غزوة أحد ( 624 - 3 هجرياً )
بعد الهزيمة الثقيلة التى لاقتها قريش فى غزوة بدر , بدأت للإستعداد للدخول
فى حرب أخرى للأخذ بالثأر من المسلمين , و خرجت بثلاثة الف مقاتل بقيادة
أبى سفيان و كان من ضمن المشركين سيدنا خالد بن الوليد قبل أن يُسلم , و
لما علم رسول الله بذلك خرج مع ألف من المسلمين حيث عسكر على سفح جبل أحد
المواجة للمدينة و جعل الرماة فوق الجبل و أوصاهم بعدم ترك مواقعهم مهما
كانت النتيجة , و إلتحم الجيشان وكان النصر للمسلمين فى أول المعركة , و
لكن الرماة عندما رأوا النصر نزلوا من مواقعهم من الجبل لأخذ نصيبهم من
الغنائم و ظنوا أن المعركة إنتهت فى ذلك الوقت , فخالفوا أمر رسول الله و
نزلوا , فأنتهز المشركين الفرصة و هاجموا المسلمين من الخلف فأختل نظام
المسلمين وانتصرت قريش فى هذة المعركة على أمل العودة مرة أخرى للقضاء على
المسلمين كلياً فى المدينة و أستُشهد فى هذة الغزوة عدد كبير من المسلمين
من بينهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله .
غزوة الأحزاب ( الخندق ) ( 626 م - 5 هجرياً )
بدأت قريش بعد إنتصارها الأخير فى غزوة أحد فى تجهيز جيش كبير لملاقاة
المسلمين مرة أخرى و ذلك , لإعتقادهم أنهم قادرون على هزيمة المسلمين و
إنهاء دين محمد , فأخذت قريش تعد الجيوش و تعقد المعاهدات مع القبائل
الأخرى للقضاء على المسلمين نهائياً , و لما علم رسول الله بذلك , أمر بحفر
خندق كبير شمال المدينة , لأن باقى جهاتها محصنة بالنخيل و المنازل , أما
من ناحية اليهود فنقضوا الإتفاق مع رسول الله فطردهم من المدينة و لجئوا
إلى خيبر و أخذوا يحرضون الكفار ضد الرسول من جديد , تم حفر الخندق وأتصلت
قريش بحلفائها من اليهود فى عشرة ألاف مقاتل حاصروا المدينة قرابة شهر كامل
مقابل ثلاثة ألاف رجل فقط من المسلمين ,ولكن الله تعالى أرسل ريحاً عاصفة
إقتلعت خيام المشركين و هدمت حصونهم و أجبرتهم على رفع الحصار و العودة إلى
مكة خاسرين و بذلك أنتصر المسلمون برعاية ربهم عز و جل و قدرته و شجاعة
رسوله الحربيه , و صبر المسلمون مدة على الحصار و كان رسول الله يفاوض
قبيلة غطفان , ليصرفهم عن قريش و بعد الإنتصار أوقف المفاوضات .
حادثة الإفك
اثناء عودة الرسول إلى المدينة من غزوة غزاها , تخلفت السيدة عائشة رضى
الله عنها لمدة قليلة تبحث عن عقدها , و لما عادت القافلة رحلت السيدة
عائشة رضى الله عنها دون أن يشعر الركب بتخلفها , و ظلت وحيدة حتى وجدها
صفوان بن المعطل و أوصلها إلى منزلها , إلا أن حاسدات عائشة رضى الله عنها و
أعداء النبى اختلقوا الإشاعات غير البريئة عن السيدة عائشة رضى الله عنها و
أتهموها رضى الله عنها بالزنى , فتأذى النبى و هجرها و كان دائماً يسأل
الأقرباء له و للسيدة عائشة عن ما حدث فيقولوا أنهم ما سمعوا عن عائشة رضى
الله عنها إلا خيراً وإنها من المستحيل ان تفعل ذلك ابداً , و لكن الشك بدأ
يزيد عند النبى و أخذ دائماً يسأل الله تعالى أن يبرأ السيدة عائشة , فذهب
إلى السيدة عائشة فى بيت أبيها أبى بكر الصديق و قال لها : يا عائشة : إن
كنتى قد اصبتى ما يقولون فتوبى إلى الله و استغفريه , فنظرت السيدة عائشة
لأبيها ابى بكر و امها و قالت لهم : آلا تجيبان ؟ فقال لها ابى بكر : والله
ما ندرى ما نقول , فقالت لهم السيدة عائشة : والله لا أتوب إلى الله مما
ذكرت ابداً , والله يعلم أنى بريئة , ووالله ما اقول اكثر مما قال أبو يوسف
{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } , و
هنا نزل الوحى على النبى و أخبره ببراءة السيدة عائشة من هذة الحادثة
الشنيعة و أنزل الله فى هذا الموقف قرآناً , قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ
جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ
هُوَخَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ
الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
(11) سورة النــور , و هنا تبشر الرسول و أبتسم و أخبر عائشة رضى الله عنها
فقالت لها أمها : آلا تشكرى رسول الله ؟ فقالت لها السيدة عائشة رضى الله
عنها : بل أشكر الله الذى برءنى و أنزل فى قرآنا يبرءنى من هذا الذنب
العظيم.
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

السبت فبراير 27, 2010 10:59 pm
صلح الحديبيه
لما وصل لقريش أخبار بيعة الرضوان خافت قريش خوفاً شديداً فقالوا نريد
الصلح , و أرسلوا سهيل بن عمرو , فلما رءاة النبى قال : ( سهيل ) سهل الله
لكم , قد أرادت قريش الصلح , فتقدم سهيل بن عمرو إلى النبى و بدأ الحوار و
تم الإتفاق بين سهيل بن عمرو و النبى على الصلح و نادى النبى على سيدنا علي
بن ابى طالب لكتابة الصلح فقال له النبى : اكتب يا علي : بسم الله الرحمن
الرحيم , فقال له سهيل بن عمرو: والله ما ندرى ما الرحمن : أكتب ما كنت
تكتبه من قبل , اكتب بسمك اللهم , فقال له النبى امحوها يا على و أكتب بسمك
الله , فرفض سيدنا على ان يمسحها , فمحوها رسول الله , ثم أكمل قائلاً :
هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو, فقال سهيل بن عمرو : والله
لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك و لكن أكتب محمد بن عبد الله , فقال
النبى امحوها يا علي : فرفض سيدنا علي ان يمحوها , فمحاها النبى و كتب محمد
بن عبد الله , فغضب الصحابه غضب شديد جداً , و لكن النبى كان يريد الصلح
لأنه كان يعلم أن الإسلام إذا أنتشر فى هدوء و سلام على القبائل فسوف يدخل
الكثير منهم فى الإسلام , وكان صلح الحديبية ينص على:

1- ان يرجع المسلمون و لا يدخلوا لأداء العمرة فى هذا العام و يعودوا فى
العام التالى و أن يدخلوا بدون سلاح .

2- إنتهاء حالة الحرب بين المسلمين و قريش لمدة عشر سنوات .

3- أن يلتزم محمد برد كل من يهاجر و يسلم من مكة بعد الصلح.

4- اما من يرتد عن الإسلام فلا يرجع للمسلمين .

5- القبائل التى تريد أن تدخل فى دين محمد فلهم ذلك و القبائل التى تريد ان
تدخل فى دين قريش لهم ذلك . و كان ذلك هو ملخص صلح الحديبية .



و بدأ الرسول ينشر الإسلام بين القبائل فى ظل الهدوء والإستقرار و بالفعل
دخل عدد كبير جداً من المشركين فى الإسلام .
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

السبت فبراير 27, 2010 11:01 pm
حملة خيبر و هزيمة اليهود
نبدأ أولاً بوصف مدينة خيبر : مدينة خيبر هى مدينة مليئة بالحصون و بها ماء
من تحت الأرض و طعام يكفيها سنوات و بها عشرة آلاف مقاتل من اليهود منهم
آلاف يجيدون الرمى, و كانت خيبر ممتلئة بالمال و كان اليهود يعملون بالربا
مع جميع البلدان , ثانياً وقت الغزوة: كانت الغزوة بعد عشرون يوماً من صلح
الحديبية , و كان عدد المقاتلين المسلمين وقتها ألف و ثمان مائة مقاتل فقط
لأن الرسول قرر أن يقاتل معه فى هذة المعركة كل من كان فى صلح الحديبية فقط
وهم الذين سوف يُقسم عليهم الغنائم أما من زاد عليهم فله ثواب الجهاد فقط و
ليس له غنائم , فخرج معه ألف و ربعمائة مقاتل و هم من صلح الحديبية و
زادوا بأربع مائة فقط , بداية الغزوة : عرف النبى أن خيبر هى مركز التآمر
الصهيونى و مركز ضرب الإسلام بالإضافة أنه لم يأمن شر اليهود بعد خروجهم من
المدينة , فخرج النبى بعد العودة من صلح الحديبية على رأس ألف و ثمان مائة
مقاتل لا يمتلكون من الطعام إلا القليل و أمر النبى أحد الصحابة ( بن
الأكوع ) بإنشاد أنشودة إسلامية رقيقة للمقاتلين لتحميسهم على القتال , و
فى الطريق علم اليهود أن المسلمين خرجوا لقتالهم فأرسلوا للجيش رسالة
للإستعداد لقتال المسلمين , حتى وصل النبى إلى خيبر ووقف أمام حصن الناعم و
إذا بسهام و حجارة كثيرة تُلقى على أصحاب رسول الله حتى أُصيب خمسين منهم
رضى الله عنهم و قُتل منهم واحداً و هو ( محمود بن مسلمة ) حتى جاء إلى
الرسول فى هذا الوقت صحابى من الصحابة و هو ( حباب بن المنذر ) و قال يا
رسول الله : إنك نزلت منزلك هذا , اهو يا رسول الله منزل أنزلكه الله فلا
نتكلم ؟ أم هو الحرب و الرأى و المكيدة ؟ فقال الرسول : بل هو الحرب و
الرأى والمكيدة , فقال له حباب : أراك قد نزلت قرب حصونهم يضربونا بسهامهم و
هم أهل رمى و لكن أرى يا رسول الله أن نبعد عن حصونهم و سهامهم , فقال
الرسول : أشرت بالرأى و لكن إذا أمسينا ذهبنا , فنادى الرسول على أحد
الصحابة و هو ( محمد بن مسلمة ) و قال : إذهب فأتى بمكان أخر , بعدها حاصر
النبى حصن الناعم و كان أشد حصن لليهود , و بعدها أعطى الرسول الراية لأبو
بكر الصديق ثم يذهب أبى بكر فيقاتل و يضرب حتى يهلك فلا يفتح له الحصن
فيرجع فيعطى النبى الراية لعمر بن الخطاب فيذهب فيقاتل و يضرب حتى يهلك فلا
يفتح له الحصن فيرجع إلى النبى , فجمع النبى الصحابة رضى الله عنهم و قال :
لأعطين الراية غداً ( رجل يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله ) فبات
الناس يتسائلون , لمن تُعطى الراية ؟ , حتى نادى رسول الله و قال : أين على
بن أبى طالب ؟ فقال الصحابة : يشتكى عينة يا رسول الله فقال الرسول :
آتونى به ثم قال له رسول الله : مم تشتكى يا على ؟ فقال على بن ابى طالب
كرم الله وجهه : عينى يا رسول الله لا أكاد أرى بها , فوضع الرسول يده
الشريفه على عين على بن ابى طالب كرم الله وجهه حتى شُفيت عيناة , فأعطاه
الرسول الراية و قال لعلي بن ابى طالب كرم الله وجهه : إذهب يا علي بسم
الله و على مله رسول الله فقاتلهم و لا تلتف , فذهب سيدنا على للقتال و
عندما ذهب تذكر أنه كان يريد أن يسأل النبى سؤالاً و لكن النبى قال له : لا
تلتفت , فإذا بعلي بن ابى طالب رضى الله عنه يرجع للخلف فظن اليهود أن
المسلمون خافوا من الهزيمة لتراجع علي كرم الله وجهه, فتقدم اليهود و رجع
على و إذا بعلي بن أبى طالب قد أعد كمينين من اليمين و اليسار ,وصل اليهود
بعد ذلك إلى الباب و بدأ القتال عند الباب و لم يستطيع اليهود إغلاق الباب و
بدأوا يفرون من الحصن حتى أنتصر المسلمون عليهم فى ذلك الحصن وفر اليهود
إلى حصن الصعب بن معاذ , فذهب المسلمون و قاتلوا اليهود حتى هزموهم و سقطت
حصونهم الواحد تلو الأخر و تم طردهم نهائياً فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب .
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

السبت فبراير 27, 2010 11:47 pm
دعوة الملوك للدخول فى الإسلامإنتهز الرسول فرصة الهدنة مع قريش و أخذ فى إرسال المبعوثين و الرسالات
الخطية إلى الملوك يدعوهم للإسلام و الإبتعاد عن الوثنية و أهم هذة
الرسائل:

1- رسالة إلى هرقل إمبراطور الروم و تقبلها بقبول حسن ,

2- رسالة إلى كسرى إمبراطور الفرس و لكنه ثار و أرسل إلى حاكم اليمن
الموالى لفارس لقتل محمد ثم أخبرهم الرسول بمقتل كسرى على يد ابنه شروية
ولما عاد الرجلان بخبر كسرى و صدق الرسول , أسلما هم و من كان معهما من
الفرس ببلاد اليمن ,

3- رسالة إلى النجاشى ملك الحبشة و عاد مبعوث الرسول والمسلمين الذين كانوا
بالحبشة و جهزهم بسفينتين و على رأسهم جعفر بن أبى طالب ,

4- رسالة إلى المقوقس عظيم القبط بمصر و عاد مبعوث الرسول بجاريتين فتزوج
الرسول من مارية القبطية و أهدى شقيقتها سيرين إلى شاعرة حسان بن ثابت , و
هكذا أخذ الرسول ينشر الإسلام فى بقية أجزاء شبة الجزيرة العربية , فمنهم
من تقبل الإسلام بحسن و دخل فية و منهم من تقبله بإنزعاج و قرر أن يقاتل
محمداً .

عمرة القضاء (627م - 7 هجرياً
بعد مرور عام من صلح الحديبية , أمر رسول الله المسلمين أن يستعدوا لزيارة
الكعبة , فالمهاجرون كانوا يتمنون هذا اليوم بعد سبع سنوات بعيدين فيها عن
مكة ,أما الأنصار فكانوا يتمنون أيضاً زيارة الكعبة كما كانت لهم تجارة مع
قريش و بلغ عدد المسلمين قرابة الألفين , ثم إحتاط الرسول و جهز مائة فارس و
لما علمت قريش بقدوم الرسول و الصحابة و المهاجرين و الأنصار إلى مكة
إحتاطت لنفسها و عسكرت فوق التلال المحيطة بمكة ثم أتجة المسلمون إلى مكة و
طاف بهم الرسول حول الكعبة و أقام ثلاث أيام زار فيها المهاجرون ديارهم و
ذويهم و تزوج الرسول من السيدة ميمونة و هى شقيقة زوجة العباس و قد أسلم
بعد هذا الحادث مباشرة خالد بن الوليد و كان ذلك أكبر نصر للإسلام فى ذلك
الوقت لأن خالد بن الوليد كان من أشجع فتيان قريش و أشدها على الإسلام و
كان السبب الرئيسى لفوز المشركين فى غزوة أحد و كان زكياً فطناً قوياً غير
أنه كان من عائلة كبيرة و ثرية فى قريش , و أسلم بعده عمرو بن العاص فكان
ذلك نصراً أكبر و أكبر للمسلمين لأنه بذلك يكون أقوى فتيان قريش قد دخلوا
فى الإسلام و قيل فى روايات أن خالد بن الوليد و عمرو بن العاص أسلموا فى
وقت واحد ثم أسلم و عكرمة بن أبى جهل ثم أسلم عثمان بن طلحة و غيرهم ممن
بهرت أنظارهم قوة الإسلام و المسلمين .
نور الحياه
نور الحياه
سوبر
سوبر
انثى
عدد الرسائل : 160
تقييم : 4
تاريخ التسجيل : 03/01/2010

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الإثنين مارس 01, 2010 9:28 pm
صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Hmyjgf31xamn




صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Zkb0le83hv93




صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Wwkzf0dq236q



صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Df1kq78zuyo3



تسلم ايدك وتقبل مرورى واحساسى لك بكل سعادة وخير
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الإثنين مارس 01, 2010 9:41 pm
الله يانور تسلم ايدك بجد اضافه جميلة للموضوع جزاكى الله خير عليها
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الإثنين مارس 01, 2010 9:47 pm
غزوة مؤتة ( 628م - 8 هجرياً )
رجع الرسول إلى المدينة و قام بإرسال بعض القوات الصغيرة لنشر الإسلام و
أمر الرسول بإرسال ثلاثة آلاف مقاتل من المسلمين إلى بلدة مؤتة عند مشارف
الشام ولما علم الروم بذلك أرسلوا جيشاً كبيراً بلغ عددة مائتى الف جندى
فدارت معركة قوية بين المسلمين و الروم و كانت أول معركة يقودها خالد بن
الوليد مع المسلمين و سمى بعد ذلك اليوم ( سيف الله المسلول ) و أشتد
القتال فى هذة المعركة حتى أنه أستُشهد عدد كبير جداً من المسلمين ثم تمكن
خالد بن الوليد بعبقريتة أن يسحب قوات المسلمين من المعركة و يرجع إلى
الرسول و لكن نساء و أطفال المدينة غضبوا غضب شديد لما علموا أن المسلمون
إنسحبوا من المعركة و لكن الرسول قال لخالد بن الوليد أن هذا هو الخير و أن
ما فعلة كان صحيحاً .
فتح مكة ( 630م - 8 هجرياً
نقض كفار مكة صلح الحديبية بإغارتهم على قبيلة خزاعة الموالية للمسلمين
فاستنجدت بالرسول , فخرج الرسول إلى مكة بعشرة آلاف مقاتل من المسلمين ولما
علمت قريش ذلك إستسلمت فدخل الرسول مكة بدون قتال ثم خطب فى الكفار قائلاً
(( إن من دخل بيت أبى سفيان فهو آمن , ما تظنون أنى فاعل بكم ؟ قالوا
خيراً , أخ كريم و ابن أخ كريم )) فقال : إذهبوا فأنتم الطلقاء , ثم طاف
الرسول حول الكعبة و حطم الأصنام و قد كان لذلك الفتح أثر كبير جداً فى
إنتشار الإسلام , فإن إستيلاء المسلمين على الكعبة بعد اتجاة القبلة نحوها
جذب كثير من القبائل العربية إلى الإسلام ثم أخضع الرسول ما تبقى من نصارى
نجران و عمان و لم يأت عام 10هجرياً إلا و كانت الجزيرة العربية تدين
الإسلام .
غزوة حنــيــن ( 630م - 8 هجرياً )
علم الرسول بإستعداد قبيلتى ثقيف و هوازن لمحاربة المسلمين و على رأسهم
مالك بن عوف الذى حشد مالة و نساءة و أطفالة خلف الجند ليمنعهم من الفرار و
نزل عند وادى حنين , فخرج الرسول على رأس أثنى عشر الفاً من المقاتلين
المسلمين و ما كاد ينبعث ضوء الفجر حتى فاجأ الكفار المسلمين فاختل نظامهم و
نادى عليهم الرسول بالإلتفاف حوله و خرج الكفار من مكانهم و استبسل
المسلمون فى القتال و تقهقر الكفار و انتصر المسلمون أخيراً ثم ذهب الرسول
إلى الطائف و دعا قبيلة ثقيف إلى الإسلام و لكنها وقفت أمامه فهددها
بمواصلة الحصار ثم حل شهر ذى القعدة فرجع الرسول عنها حتى تنتهى الأشهر
الحرم , و بعدها حضرت وفود قبيلتى ثقيف و هوازن مسلمين للرسول ثم أخلى
الرسول لهوازن أسراها .
غزوة تـــبـــوك (631م - 9 هجرياً )

اجتمعت على حدود فلسطين قبائل عديدة من الروم لقتال المسلمين , فخرج إليهم
الرسول بجيش كبير حتى أدرك تبوك على حدود الشام و أقام بها فصالحه أهلها ثم
جائتة وفود القبائل المسلمة , ثم أرسل خالد بن الوليد إلى المدينة , و تعد
هذة الغزوة آخر غزوات الرسول قبل وفاته .
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الإثنين مارس 01, 2010 9:55 pm
عــــام الوفــــود ( 632م - 10 هجرياً ) وظهور مسيلمة الكذاب
فى هذا العام جاء إلى المدينة وفود كثيرة من أنحاء الجزيرة تعلن إسلامها
أمام الرسول و كان نصراً كبيراً للمسلمين و بدأ الإسلام ينتشر و ينتشر فى
كل الجزيرة العربية وذلك بفضل نبينا و حبيبنا محمد حتى نزلت السورة الكريمة
, قال تعالى { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (1) وَرَأَيْتَ
النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (3) سورة النصر , و فى
هذا العام جاء وفد عظيم يمثلون مائة الف رجل و هو ( وفد اليمامة ) يعلن
إسلامة لرسول الله فدخلوا على رسول الله إلا رجل واحد إسمة ( مسيلمة ) , و
عندما دخل القوم لرسول الله و أعلنوا إسلامهم اعطاهم الرسول الهدايا ,
فقالوا له الوفد : يا رسول الله : إن فينا رجل من سادتنا خارج الدار و ما
رضى أن يدخل معنا فقال لهم رسول الله : ما دام يحرس متاعكم إذن فهو ليس
بأسوءكم و اعطاهم الهدايا لة , فخرجوا لمسيلمة و قالوا له ما قاله رسول
الله عنة , فقال لهم مسيلمة : إنظروا مدحنى محمد , ثم بعد ذلك ذهب مسيلمة
لبيت النبى فقال لة القوم : متى تُسلم يا مسيلمة ؟ فقال لهم مسيلمة : أُسلم
على أن يعطينى محمد الأمر من بعده , فسمعة الرسول , فأمسك النبى عرجون
صغير من الأرض و قال : والله يا مسيلمة لإن سألتنى هذا العرجون ما أعطيتة
لك ووالله ما آرراك إلا الكذاب , و فى يوم آخر أرسل مسيلمة صحيفة إلى رسول
الله تنص على : (( من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله: آلا إنى أوتيت
الامر معك فلك نصف الأرض و لى نصفها و لكن قريش قوماً يظلمون )) فأرسل له
النبى : (( من محمد رسول اللهإلى مسيلمة الكذاب , السلام على من أتبع الهدى
, أما بعد , فإن الأرض لله يرثها من يشاء من عباده و العاقبه للمتقين )) و
أستمر أمر مسيلمة الكذاب حتى أدعى النبوة وتآمر مع أحد الناس و اتفقوا على
أن ينشروا خبر كاذب وهو أن محمد قال : ( إن مسيلمة رسول مثلة ) !! , فأرتد
كثير من الناس بعد ذلك , و أستمر الأمر حتى قُتل مسيلمة الكذاب بعد موت
الرسول .
حجة الوداع ( 632م - 10 هجرياً )
بعد النصر الكبير الذى فتحه الله تعالى على نبيه خرج رسول الله مع أكثر من
مائة ألف من المسلمين للحج , و عند جبل عرفات ألقى رسول الله خطبتة الخالدة
التى تعتبر دستوراً للدولة الإسلامية الجديدة منادياً بالمساواة بين البشر
مبيناً قواعد الإسلام , حيث قال : (( أيها الناس : إسمعوا قولى فإنى لا
أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا , إن ربكم واحد , و إن أباكم واحد , كلكم
لآدم و آدم من تراب , إن أكرمكم عند الله أتقاكم , لا فضل لعربى على أعجمى
ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى, ألا هل بلغت ......... اللهم فأشهد )) ,
وكانت هذة الخطبة بمثابة تثبيت للصحابة و المسلمون رضى الله عنهم و كانت
بمثابة نعى لرسول الله , بعدها أتم الرسول الحجة و لم يمض على حجة الوداع
سوى ثلاثة أشهر حتى مرض رسول الله مرضاً شديداً بالحمى مدة قصيرة أنتقل
بعدها لجوار ربه تعالى عز و جل و سوف ينتقل بنا الحديث إلى أرق وأصعب لحظات
فى تاريخ البشرية و فى تاريخ أمة محمد .
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الإثنين مارس 01, 2010 10:03 pm
وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم ( 633م - 11 هجرياً )
بعد حجة الوداع بثلاث شهور فقط مرض النبى بالحمى الشديدة و التى أثرت فية
كثيراً فكان لا يستطيع القيام من مجلسة و استأذن زوجاته رضى الله عنهم أن
يُمرض فى بيت السيدة عائشة رضى الله عنها , وفى ذلك الوقت نزلت أخر أية من
القرأن و هى قال تعالى { وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى
اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}
(281) سورة البقرة , ثم أشتد الوجع برسول الله , و فى أخر ايامه خرج ليزور
شهداء أحد و يقول ( السلام عليكم و رحمه الله و بركاته , أنتم السابقون و
نحن بكم لاحقون إن شاء الله ) ثم يرجع النبى بين الصحابة رضى الله عنهم و
يبكى , فيقولون : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فيقول لهم : إشتقت إلى إخوانى ,
فيقولون : أولسنا بإخوانك يا رسول الله ؟ قال : لا أنتم أصحابى , أما
اخوانى فهم قوم يأتون من بعدى يؤمنون بى و لم يرونى , ثم أشتد الوجع على
الرسول أكثر و أكثر حتى أن الصحابة كانوا يحملونه إلى بيت السيدة عائشة و
لما رءاة الصحابة هكذا , بكت عيونهم , و دخل النبى بيت عائشة رضى الله عنها
و قال : لا إله إلا الله , إن للموت لسكرات , و كان وجه النبى ملىء بالعرق
, تقول السيدة عائشة أنها كانت تأخذ بيد الرسول فتمسح بها على وجهه الكريم
, ثم قال النبى : والله إنى لأجد طعم الشاة المسمومة فى حلقى !! (( الشاة
التى وضع بها اليهود السم للنبى )) , بعدها بدأ خبر وجع رسول الله ينتشر
بين الناس و بين الصحابة حتى أن صوتهم بلغ مسمع النبى فقال : إحملونى إليهم
, فحملوا النبى إلى المسجد و ألقى أخر خطبة له و قال : (( ايها الناس ,
كأنكم تخافون علي ؟ ايها الناس : موعدى معكم ليس الدنيا , موعدى معكم عند
الحوض , والله لكأنى أنظر أليه من مقامى هذا , أيها الناس : والله ما الفقر
أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم الدنيا ان تتنافسوها كما تنافسها الذين من
قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم , ايها الناس : إن عبداً خيره الله بين الدنيا
وبين لقاء الله فأختار لقاء الله , ففهم ابو بكر المراد و عرف أن الرسول قد
خُير بين الدنيا و لقاء ربه فأختار لقاء ربه , فعلى صوت ابى بكر بالبكاء و
قال : فديناك بأموالنا , فديناك بأبائنا , فيديناك بأمهاتنا , فنظر إليه
الناس شجراً , فقال لهم الرسول : ايها الناس : دعوا ابا بكر فوالله ما من
أحد كانت له يد إلا كافئناه بها إلا ابا بكر لم استطع مكافئتة فتركت
مكافئتة لله عز و جل , و بدأ الرسول يوصى الناس و يقول : ايها الناس :
أوصيكم بالنساء خيراً و قال : الصلاه الصلاه , الصلاه الصلاه , الله الله
فى النساء , و ظل يرددها و بدأ يدعى و يقول : اواكم الله , نصركم الله ,
ثبتكم الله , ثم ختم و قال : ايها الناس : ابلغوا منى السلام كل من تبعنى
إلى يوم القيامة )) , عليك السلام يا رسول الله , ثم دخل النبى بعدها بيته و
نظر إلى السواك فأحضرتة السيدة عائشة رضى الله عنها و ظلت تتسوك به لتلينه
لرسول الله حتى أستاك به النبى ثم دخلت عليه السيدة فاطمة بنت ابى بكر
فبكت فقالت : وا كرب أبتاة , فقال لها : ليس على ابيكى كرب بعد اليوم , ثم
ابلغها أنها اول أهله لحاقاً به فضحكت رضى الله عنها , و فى يوم 12 ربيع
الأول نظر الرسول إلى الصحابة و هم يصلون فأبتسم و ظل ينظر إليهم و يبتسم ,
ثم عاد إلى حجرته و بعدها وضع رأسه على صدر السيده عائشة رضى الله عنها
حتى ثقلت رأسه على صدرها رضى الله عنها و مات رسول الله فخرجت السيدة عائشة
تقول للصحابة : مات رسول الله , مات رسول الله , فهذا عمربن الخطاب يقول :
من قال انه مات قطعت رأسة , إنما ذهب ليقابل ربه كما ذهب موسى من قبل , و
هذا عثمان بن عفان لا يستطيع أن يتحرك , و هذا على بن ابى طالب يمشى
كالأطفال هنا و هناك , و أما أثبت الصحابه ابو بكر فأخذ يقول : ايها الناس ,
من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات و من كان يعبد الله فإن الله حى لا
يموت ثم قرأ أية الله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ
مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى
أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ
شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران , فعلم
الناس أن الرسول قد مات حقاً , ثم غسله العباس بن عبد المطلب و على بن ابى
طالب و أولاد العباس بن عبد المطلب ووضعوا التراب على النبى فقالت لهم
فاطمة رضى الله عنها: اطابت أنفسكم ان تضعوا التراب على رسول الله ؟ و فى
النهاية اذكركم بالصلاة كثيراً على النبى و دراسة سيرتة جيداً لعله يشفع
لنا عند الله تعالى يوم القيامة إن شاء الله .( اللهم صلى على محمد عدد
خلقك و زنه عرشك و رضا نفسك و مداد كلماتك ) .
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الإثنين مارس 01, 2010 10:05 pm
زوجات النبى صلى الله عليه وسلم وحكمة تعدد الزوجات
قائمة
بأسماء زوجات النبى صلى الله عليه وسلم

1- السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها

2- السيدة سودة بنت زمعة رضى الله عنها

3- السيدة عائشة بنت أبى بكر رضى الله عنها

4- السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنها

5- السيدة زينب بنت خزيمة رضى الله عنها

6- السيدة أم سلمة ( هند بنت أمية ) رضى الله عنها

7- السيدة زينب بنت عمته رضى الله عنها

8- السيدة جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار رضى الله عنها

9- صفية بنت حُيى بن أخطب رضى الله عنها

10- أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضى الله عنها

11- مارية بنت شمعون القبطية رضى الله عنها

12- ميمونة بنت الحارث الهلالية رضى الله عنها

13- أسماء بنت النعمان رضى الله عنها

14- قتيلة بنت قيس رضى الله عنها

==================

حكمة تعدد الزوجات لرسول الله صلى الله عليه و سلم

كثير من الناس مسلمين و غير مسلمين شغلهم هذا الأمر , و ما يزالون شغوفين
لمعرفة حكمة التعدد بالنسبة للنبى من مصادرها العربية و أيضاً الشباب
المسلم فى أيامنا هذة مازال مشتاقاً لمعرفة الحقيقة الصحيحة و الحكمة
المقصودة فى تعدد زوجات النبى , نبدأ بسم الله فى عرض الحقيقة لشبابنا
المسلم :



1- عاش النبى حتى سن الخامسة و العشرين عزباً طاهراً نقياً حتى لقبوة
بالصادق الأمين , و عاش خمساً و عشرين سنة أخرى مكتفياً بزوجة واحدة هى
السيدة خديجة رضى الله عنها التى تكبره بخمس عشرة سنة , مع أن النبى كان
شاباً نشيطاً قوياً جذاباً جميلاً , بينما كان لكل رجل من العرب من عشرة
إلى عشرين زوجة على الأقل .



2- عاش النبى مع السيدة خديجة لمدة خمس و عشرين سنة و بعد وفاتها ( ثلاث
سنوات قبل الهجرة ) تزوج من السيدة سودة بنت زمعة و انفردت به ثلاث سنوات و
كان عمرها خمسين سنة و هو ايضاً فى سن الخمسين تقريباً , فلو كان النبى
شهوانياً ما قضى سنى شبابة مع عجوزين و لم يجمع عليهما.



3- يبين لنا تاريخ الأنبياء أن التعدد شمل الكثير من الأنبياء فكان للنبى
داود و سليمان عليهما السلام سبعمائة من النساء و ثلثمائة من السرارى . ,
المشكلة هى : لماذا تزوج النبى هذا العدد من النساء ؟ الإجابة : 1- إعداد
كوادر جديدة من الدعاة عن طريق المصاهرة لنشرالدعوة الإسلامية بين مشركى
مكة . 2- الزواج بالمصاهرة إحدى طرق نشر الدين الجديد بين القبائل و الناس
فى جميع أنحاء العالم . 3- بالزواج أنقذ النبى أزواج بعض الزوجات من انتقام
و تعذيب العائلة عاجلاً او آجلاً . 4- وزوجات أخرى كافأهن الرسول لتمسكهن
بالإسلام . 5- جعل النبى كل زوجة من زوجاته داعيه للإسلام و عاملة بتعاليم
الإسلام فى حياتها اليومية مبيناً الأحكام الشرعية والغير شرعية لتجيب على
ردود السائلات . 6- إن حياة النبى الزوجية لا تسير برغبتة كسائر البشر و
إنما كانت بتقدير الوحى و رب القدرة ( الله عز و جل ) . 7- إن التاريخ
الإسلامى مدين إلى زوجات النبى رضى الله عنهم لأنهم كانوا دائماً فى صحبته
فى جميع غزواته حيثما يذهب إرضاء لإنسانيته , و عوناً له على الشدائد
مجددين نشاطه لكى يتحمل الأعباء الثقيلة . , و بالطبع وضحت الأن حكمة تعدد
زوجات النبى و أحب أن الخصها لكم فى هذة الأيات , قال تعالى {وَإِذْ
تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ
أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ
مَااللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ
فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا
يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا
قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} (37) سورة
الأحزاب , و قال تعالى ايضاً { لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ
وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ
إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
رَّقِيبًا} (52) سورة الأحزاب , و قال تعالى { عَسَى رَبُّهُ إِن
طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ
مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ
وَأَبْكَارًا} (5) سورة التحريم , و يروى عنه انه قال : ما زوجت شيئاً من
بناتى إلا بوحى جاءنى به جبريل عن ربى عز و جل , ومما هو جدير بالذكر أن
حياه النبى كان يحكمها منهج قرآنى ,فلكل فرد داخل بيت النبى حقوق وواجبات و
سلوك يجب أن يتبعنه و لهن الثواب و إن خالفنه فعليهن العقاب كما قال تعالى
فى كتابه العزيز{ يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ
النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ
الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (32) سورة
الأحزاب .
محمد السحرى
محمد السحرى
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 8ai61p3rjmhj
ذكر
عدد الرسائل : 1238
تاريخ الميلاد : 18/10/1981
العمر : 42
الموقع : sahr2009.yoo7.com
المزاج : احبكم
تقييم : 245
تاريخ التسجيل : 22/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الإثنين مارس 01, 2010 10:17 pm
أسماء أولاد النبى صلى الله عليه وسلم
رزق
الحبيب صلى الله عليه و سلم بثلاثة ابناء من الزكور و هم :

1- القاسم رضى الله عنه

2- عبد الله رضى الله عنه

3- إبراهيم رضى الله عنه

- كما رزق صلى الله عليه و سلم بأربع بنات و هن :

5- السيدة زينب رضى الله عنها و كانوا يسمونها زينب الكبرى لأنها اول مولود
لرسول الله و تمييزا لها عن زينب الحفيدة ابنة شقيقتها فاطمة الزهراء رضى
الله عنها و بنت الأمام على و كرم الله تعالى وجهه .

6- السيدة رقية رضى الله عنها

7- السيدة أم كلثوم رضى الله عنها

8- السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها

و قد ماتوا جميعاً فى حياة رسول الله عدا فاطمة الزهراء فهى التى ماتت بعد
وفاته بستة أشهر و جميع أبناء الرسول من خديجة بنت خويلد رضى الله عنها ,
عدا إبراهيم ابنه من مارية القبطية فقط .




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين اخى المسلم
اختى المسلمة هكذا انتهت الصفحات من السيرة العطرة لاكن ابدا لن تنتهى سيرة الرسول الكريم
من حياتنا بل ستبق هى النور الذى يضى لنا الطريق الى الله اللهم ما انفعنا بها وجعلها فى ميزان
حسنات كل من يقراء او يعمل بها وجعل هذا العمل خالص لوحهك الكريم
والى القاء فى صفحات من حياه الصحابه الكرام
اسراء
اسراء
مشرف
مشرف
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 47426732hu6
انثى
عدد الرسائل : 868
تاريخ الميلاد : 10/02/1989
العمر : 35
العمل/الترفيه : طالبه جامعيه
المزاج : روعه
تقييم : 73
تاريخ التسجيل : 29/11/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الثلاثاء مارس 02, 2010 3:48 pm
الله
جميله كلماتك ماشاء الله
في انتظار الجديد
mona
mona
سوبر
سوبر
اوسمه : صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 47426732hu6
انثى
عدد الرسائل : 839
تاريخ الميلاد : 23/09/1990
العمر : 33
العمل/الترفيه : طالبة فى كلية حقوق
المزاج : الحمد الله
تقييم : 3
تاريخ التسجيل : 03/12/2008

صفحات من السيرة العطرة - صفحة 2 Empty رد: صفحات من السيرة العطرة

الأربعاء مارس 03, 2010 9:41 am

مجهود عظيم منك
بارك الله فيك
وجزاك عن كل حرف جعلتنا نستفيد منه حسنه
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى